مجمع مار داديشوع 424 ومجمع بغداد 2024
الف وستمائة عام بين الماضي والحاضر
الخوراسقف بولس ساتي للفادي الأقدس
تصادف هذه السنة مرور 1600 عام على إنعقاد مجمع مار داديشوع سنة 424 م. وتشاء الصدف أن يعقد أيضاً هذا العام 2024 مجمع كنسي في بغداد وتكون هناك الكثير من النقاط المشتركة بين المجمعين، مع إختلاف الطريقة المعتمدة من قبل كل مجمع.
فقبل الدخول في غياهب التاريخ وإعادة قراءة ماكتب قبل 1600 سنة ومراجعة ماظهر في الوقت الحاضر قبل السينودس الأخير سواءاً مكتوباً أو مرئياً، وإستناداً لما حصل مع عدة بطاركة عظام، مثل: ايشوعياب الثالث وطيمثاوس الكبير ويوسف اودو ويوسف عمانوئيل الثاني.
أرى من اللازم توضيح آلية الإستناد إلى القوانين، التي قد يقول الكثيرون أنه قد عفا عليها الزمن:
حقوق البطاركة وواجباتهم
أكد المجمع الفاتيكاني الثاني في مرسوم الكنائس الشرقية رقم 9 والصادر سنة 1964، إعادة جميع حقوق وإمتيازات البطاركة لفترة ماقبل الإنفصال الكنسي (على الخصوص ما ورد في مجمع نيقية 325 قانون 6)
ولكون كنيستنا، كنيسة المشرق قد إعترفت وتبنت مقررات مجمع نيقة وكذلك مجمع القسطنطينية 381 ومن ثم جميع المجامع المسكونية للكنيسة الكاثوليكية إبتداءاً من القرنين 15 و 16 وماسبقتها لتبلغ 21 مجمعاً مسكونياً.
كما جاء هذا التأكيد في كتاب مجموعة قوانين الكنائس الشرقية (الصادر سنة 1990) في القوانين 78 – 101 حيث تم التاكيد على حقوق البطاركة وسلطتهم المألوفة والخاصة!
مجامع كنيسة المشرق
بما أن المجمع الفاتيكاني الثاني قد أعاد ماكان للبطاركة الشرقيين ومجامعهم وتقليدهم من حقوق، فبالتالي تكون كل قوانين وتوصيات مجامع كنيسة المشرق نافذة وتعد الأساس للشرع الخاص بكنيستنا الكلدانية (بما لايتعارض مع الشرع العام وسلطة الكرسي الرسولي الروماني). فالعودة لأسباب عقدها وجدول أعمالها ومقرراتها مهم للغاية لفهم خاصية كنيستنا العريقة.
مجمع داديشوع 424
الجاثليق – البطريرك مار داديشوع (421 – 456)
جلس على كرسي سلوقيا قطِسفون مدة 35 سنة، عانى في بداياتها الكثير من الإضطهادات فقد حرص الكثيرون من الإكليروس (تقريباً 11 أسقف) ومعهم علمانيون مارقون من ذوي المناصب في الدولة والمحرومون من الكنيسة، على تشويه سمعته! فإتهموه: بالسيمونية، والجهل، والربا، …الخ
فطالبوا من السلطات حبسه وكان لهم ذلك. وعانى مار داديشوع الأمرين في حبسه! وحين عقد الصلح بين الفرس والرومان، أطلق سراحه، لكنه رفض العودة لكرسيه فقدم إستقالته وذهب للمنفى.
من هنا جاءت خطوة المجمع والذي بالرغم من أنه كان توجهاً من قبل 40 أسقفا لحمل البطريرك على العودة لكرسيه والعدول عن إستقالته، إلا أنه يعد من المجامع المهمة لكنيسة المشرق.
مجريات المجمع
قام الأساقفة المجتمعون بإسترجاع بعض الأحداث التي جرت في الكنيسة والقرارات التي توصلوا إليها في مجامع مار إسحاق 410 ومار يهبالاها 420 والتي شكلت نواة رئاسة كنيسة المشرق. ومن أهم ماتمخض عنه هذا المجمع هو قانون 61 والذي يخص مقام كرسي سلوقية قطِسفون ورئيس أساقفته:
“هلموا إذاً نضمد جراح شعبنا وإكليروسنا، حتى لو عرضنا أنفسنا إلى الموت في سبيل أبينا ورئيسنا الذي هو مدبرنا والمهتم بنا، وموزع جميع غنى الكنوز الإلهية، الجاثليق مار داديشوع، الذي هو لنا بمثابة بطرس، رئيس جماعتنا الكنسية.” (أ. يوسف حبي، مجامع كنيسة المشرق، ص 129).
وتعد القوانين 73 – 78 مرجعاً مهماً يوضح كيف يتم التعامل مع جاثليق وبطريرك كنيسة المشرق (أ. يوسف حبي، مجامع كنيسة المشرق، ص131). ولغرض التعمق أكثر في مقررات هذا المجمع يمكن مراجعة نفس المصدر (ص 134 – 138)
مجمع بغداد 2024
لايسعنا هنا شرح الكثير وبأسهاب عما حصل في هذا المجمع / السينودس، فهذه اسرار لايعلمها بمجملها، إلا من حضر المجمع والحمد لله لم تسرب الاخبار كما في المجامع السابقة!
بعض أوجه التشابه بين المجمعين:
1. قام المحسوبون على الكنيسة، والسيئوا السمعة، والعملاء، بالتدخل السافر في شؤون الكنيسة بهدف السيطرة على كيانها.
2. تم نعت البطريرك بأبشع الصفات والشتائم وتلفيق التهم الكاذبة بحقه
3. سعت قوة الشر لسجنه بمختلف الوسائل والطرق
4. قامت السلطة بتهميش البطريرك وإلغاء توليته (اوقاف الكنيسة)
5. ذهاب البطريرك للمنفى الإختياري
6. عودة البطريرك لكرسيه بجهود الخيرين المحبين للكنيسة (بقوة الشرع المدني)
7. عدم مشاركة بعض الأساقفة بالمجمع
خاتمـــــــــــــــــــــــة
منذ ظهور وسائل التواصل الإجتماعي بدأ الجميع بالكتابة! وإختلفت المعطيات بين مؤيد ورافض، بين حاضر ومغيب، بين فاهم / مدرك وغير ملم بشيء!
فالذي تعلمته من خبرتي البسيطة في الكنيسة الكلدانية أن الخلاف بين أحبارها لايدوم، فالروح القدس حاضر فيها وكل واحد – البطريرك وكل أسقف – حريص على الكنيسة ويحبها، لذلك لن تقدر قوة الشر أن تدوم للأبد.
فمن عرض وجهة نظره ولم يحضر السينودس في عهد مثلث الرحمات مار عمانوئيل دلي، شارك في رسامة المطرانين الفاضلين مار بشار وردة ومار إميل نونا سنة 2010.
ولذلك كلي ثقة بان الكنيسة ستستمر وتعود أقوى أكثر لان الرب معها وأبواب الجحيم لن تقوى عليها.