مَن المسؤول عن حالة عنكاوا؟
البطريرك لويس روفائيل ساكو
أتذكر بلدة عنكاوا، عندما كنا نزورها ونحن طلابٌ في المعهد الكهنوتي. كان سكانها كلداناً، وكانت البيوت مبنية باللّْبن والحجر والخشب والحصير، ما عدا بيوت حيّ المعلمين الحديثة. وكانت فيها كنيسة واحدة قديمة باسم مار كوركيس، ثم شيّد المثلث الرحمات المطران اسطيفان بابكا كاتدرائية مار يوسف الحاليّة بدعم من الحكومة العراقية.
في تسعينيّات القرن الماضي، خصوصاً بعد سقوط النظام (2003) وقيام حكومة إقليم كردستان، تطورت البلدة بسرعة، واختفت البيوت القديمة، وشُيّدت بيوت حديثة، وعدة كنائس كلدانية. وعلى أثر إجتياح داعش للموصل وبلدات سهل نينوى وتهجير المسيحيين منها، اُفتتحت فيها كنائس كاثوليكية وارثوذكسية ومشرقية.
مَن يتحمّل المسؤولية؟ المسؤولية يتحملها أهالي عنكاوا بالدرجة الأولى، ومدير الناحية ومدير البلدية ثم الكنيسة، والقائمقام، بعد أن تحولت الى قضاء برسالة مني الى حكومة الإقليم.
في البداية، كان وزير المالية السابق سركيس اغاجان الذي قام بتوزيع الأراضي على الناس بدون تخطيط، ومن بينهم المطران آنذاك وكهنة عنكاوا وبناها مجاناً وسجّلها باسمائهم، بالرغم من أن معظمهم كان يملك داراً أو أكثر.
ثم بدأ الاستثمار: فنادق ومطاعم، ومحلات تجارية وترفيهية ونوادٍ ومحلات بيع الكحول وبارات وبيوت الدعارة. ثم مَن باع أو أجَّر هذه البيوت وأضاع خصوصية عنكاوا؟ انهم أهلها.
إني شخصياً اؤمن بالعيش المشترك المتناغم وأرفض خلق الأحياء المغلقة “غيتوات” والتغيير الديموغرافي الممنهج. هذا الواقع نراه في برطلة. وفي بطنايا مثلاً كان يوجد 16 بيتاً للمسلمين قمتُ بشراء معظمها بالتعاون مع المطران ميخا ومن أموال البطريركية.
البرلمانيون العنكاويون في البرلمان العراقي إنضمّوا واقعياً الى جماعة بابليون لم يقدموا شيئاً للمسيحيين ولا لعنكاوا، منهم هوشيار قرداغ الذي دعمته الرابطة الكلدانية.
بالنسبة للاستحواذ على أراضي عنكاوا، التقيتُ بمجموعة من أهاليها وقدمتُ طلبهم مكتوباً الى سلطات الإقليم، وقد التقى بهم معالي وزير الأوقاف. ما سمعته هو انهم كانوا قد نالوا حينها تعويضاً بسيطاً من الحكومة المركزية!
مَن مَنَحَ أراضٍ لبناء كنائس وافدة لا علاقة لها بالكنائس الأربعة عشرة المعترف بها رسمياً في العراق؟ ماذا كان دور مدير شؤون المسيحيين؟ ومَن مَنَحَ قطعة أرض كبيرة لكنيسة صغيرة معروفٌ إنتمائها الى جهة سياسية معينة؟
اعتقد أن الجميع يتحملون المسؤولية وأن الموضوع يحتاج الى مراجعة جادّة، من دون مزايدات.