ليكونوا واحداً (يوحنا 17 / 1- 26)
الكاردينال لويس روفائيل ساكو
إن التعليم الذي ينقله الإنجيلي يوحنا (17/ 1- 26) ليوم الاحد القادم 25 أيار، عن صلاة يسوع من أجل وحدة تلاميذه بالغُ الأهمية، كونها تعبر عن الحب الذي يكنّه لنا. هذا التعليم يَهمُّنا جميعاً إكليروساً ومؤمنينَ، لا سيما اننا نعيش اليوم حالة مؤلمة من ويلات الحروب والإنقسام والأحكام المُسبَقة والشكوك والجِراح في المجتمع والكنيسة والبيت!
علينا أن ننصت الى (نطيع) ديناميكية الكلمة التي يوجهها إلينا يسوع بنفسه، لتتحول حياتنا الى ما يريده: الى الحقيقة والمحبة والوحدة
هذه الصلاة، المعروفة بالكهنوتية، يجب ان تكون صلاتَنا اليوم أكثر من أي يوم مضى. يسوع يُريدنا أن نكون متَّحدين في عائلة واحدة. إنه يُصلّي من أجل وحدة تلاميذه، وكلِّ من سيؤمن به على يدهم وخلفائهم. هذه الصلاة، تعليم مسيحي catechism تتضمن أربع طلبات تقودنا إلى المعنى العميق للوحدة.
- لكي يحفظهم الله: “يا أَبَتِ القُدُّوس اِحفَظْهم بِاسمِكَ”(11) من الخطر الذي ينتظرهم (الشرير وروح العالم)، فلا يهلك منهم أحد. ويسأله ان يضعهم في حفظه ورعايته.
- لكي يتقدسوا بالحق: “كَرِّسْهُم بالحَقّ. إِنَّ كلِمَتَكَ حَقّ”(17). إن الذين يتبعون يسوع سوف يواجهون صعوبات عظيمة، لكنهم سوف ينتصرون إنْ ثبَتوا مثله على الحق Truth.
- لكي يَكونوا واحِداً: “كما نحنُ واحِد” (22). هذه الوحدة الكنسية والشركة تجسِّد مصداقيّة ايمانهم ورسالتهم وشهادتهم.
- لكي يتمَجَّدوا كما تمَجَّد هو: “يا أَبَتِ، إِنَّ الَّذينَ وهَبتَهم لي أُريدُ أَن يَكونوا معي حَيثُ أَكون فيُعايِنوا ما وَهَبتَ لي مِنَ المَجد (24). ويُصلّي لكي يَثبتوا على الإيمان: “من يؤمن بي فَلَه الحياةُ الأبَديَّة (6/ 47). هذه الوحدة نعمة عظيمة لكي يكتمل فرَحُه فينا (17/ 13). وحدَتُنا ستتغلب على ظلام الشرّ وتجعل فرح القيامة يشرق علينا.
في المسيح وحده نصبح واحداً، عِبر الشركة الوثيقة معه، وعِبر محبتنا وخدمتنا لبعضنا البعض. المسيحية ليست ديانة عادية، بل هي شخص المسيح الذي ينبغي إتّباعه بعمق من خلال التأمل في كلمته (الإنجيل)، والصلاة، والاهتداء المستمر. شركتنا مع يسوع هي طريقنا إلى الشركة مع الله. لاهوتنا يقوم على كلمة الله المُدهشة، وليس على أفكار فلسفية بليغة. لذا صاح بطرس الرسول: “يَا رَبُّ، إِلَى مَنْ نَذْهَبُ؟ وكَلاَمُ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ عِنْدَكَ” (يوحنا 6 /68).
وحدتنا هي ثمرة الإندماج في أسرار الإيمان “فأَكونَ أَنا فيهِم” (17/ 26)، وخاصة المشاركة في القربان المقدس، ومن خلال التربية، والثقافة، والمعرفة، والمحبة، والتواضع.
الانقسامات
يناشدنا مار بولس “أُناشِدُكُم، أَيُّها الإِخوُة، باِسمِ رَبِّنا يسوعَ المسيح، أَن تقولوا جَميعا قَولاً واحِداً وأَلاَّ يَكونَ بَينَكُمُ اختِلاقات، بل كُونوا على وِئامٍ تامّ في رُوحٍ واحِدٍ وفِكرٍ واحِد. فقَد أَخبَرَني عَنكم، أَيُّها الإِخوَة، أَهلُ خُلُوَة أَنَّ بَينَكُم مُخاصَمات. أعني أَنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنكُم يَقول: أَنا لِبولُس (انا مع البطريرك، انا ضدّه، انا مع المطران، انا ضدّه؟)... أَتُرى المسيحُ انقَسَم؟” (الرسالة 1 الى أهل قورنثية 1/ 10-13) |
لتتجذَّر فينا المحبة التي كانت في قلب يسوع وليكن الله “كُلَّ شَيءٍ في كُلِّ شيَء” (1 قورنثية 15/ 28)، كما كان للمسيح، ولنَسِر على نوره “بِالرُّوحِ والحَقّ” (يوحنا 4/ 24)، وصبر ورجاء، عندها نجد القوة والعزاء والسلام.
الآن لنسلّم أنفسنا إلى الله، ولنُطهّر ذاتنا من الطموحات، وروح المنفعة، والتحزُّب، والاصطفاف مع مَن خلقَ حالة من عدم الاستقرار في بلداتنا، ما حال دون عودة الأهالي اليها.
نحن الأساقفة والكهنة رعاة وخدام رسالة وشهود للمسيح، ولسنا حكاماً – Rulers ولا مستثمرين! يتعيَّن علينا ان نعتذر بتواضع عن الشكوك التي سببناها والتقصيرات تجاه التزامنا بكنيستنا وشعبنا. نحن كنيسة واحدة والابرشيات مرتبطة بالبطريركية وليست معزولة. ثمة قوانين ينبغي أحترامها. لابدّ ان تظهرالحقيقة عاجلاً أم آجلاً!
علينا ان نستعيد معنى الخدمة المضحيّة والرسالة والمرافقة كما قال البابا لاون الرابع عشر في كلمته الى البطاركة والحجّاج الشرقيين في 14 أيار2025. كما دعا في قداس تنصيبه في 18 أيار:
“لنسِر معاً الى الله كإخوة
ولنحبّ بعضنا بعضاً”،
بالقول والفعل