ذكرى شهادة شيخ الشهداء المطران فرج رحو
أ.د غازي ابراهيم رحو
وتأتي الذكرى السابعة عشرة المؤلمة من جديد لكي نتذكر يوم 29 من شباط من كل عام الذكرى الحزينة على من فقده العراق ..رجل مؤمن قدم روحه لوطنه حيث تمر علينا ذكرى اختطاف واستشهاد هذا الشيخ الممتليء بالايمان والمحبه لوطنه وشعبه ودينه ان هذه الذكرى المؤلمة والتي ادمت قلوب العراقين بجميع اديانهم وطوائفهم بفقدان رجل احب العراق واحب شعب العراق واخلص لمدينته الحبيبة الموصل مدينة الكنائس والجوامع مدينة التاخي والمحبة بين جميع الاديان والقوميات ومنذ مئات السنين حيث كانت قبلة التاخي والتصالح الا ان ظهرت فئة ضاله ارادت ان تدمر التاخي وتعكر تلك العلاقات الانسانية بين ابناء الوطن الواحد هذه الفئة المجرمة المتشددة والكارهة للانسانية والتي ارادت تدمير المجتمع العراقي وتخلق حالة من الالم والخوف والتهجير لشعبنا المسيحي الصابر المسالم والمتالم والمهمش هذا الشعب الذي قدم شهداء تلو الشهداء حيث كان يوم 29-2-2008 يوم اسود في تاريخ الموصل والعراق بشكل عام عندما اقدم هؤلاء المجرمين القتلة على اختطاف شيخ الشهداء المطران فرج رحو بعد ان قام هؤلاء الاوباش بقتل الشمامسة الابرار مرافقي شيخ الشهداء المطران فرج رحو بعد خروجه من احدى الكنائس بعد انتهاء الصلاة وتم اختطافة وتعذيبه باشد العذابات وبقي صابرا محتسبا الى الرب تعالى كونه يحمل في قلبه الايمان الذي قدم روحه الطاهرة من اجله ولم يتنازل عن ما تعلمه في بيته وعائلته وكنيسته فتم غدره وقتله ببشاعة يوم 13-3-2008 ورمي جثمانه الطاهر في احدى مناطق الموصل المهجوره، عندها التقى هذا الشهيد مع حبه للسيد المسيح مع الالم واصبح قلبه شركة حب الرب المتالم واصبح الموت عنده مثل كاسا يرتشفها المؤمنين وفاز بذلك بالسعادة الابدية الدائمة وثوبا لا يفني ولا يتدنس ولا يضمحل، بعد ان عادة هؤلاء القتلة ليكونوا نيرون جديد في ارض المسيحية في العراق، وهذا يذكرنا باضطهاد نيرون للكنيسة وللمسيحيين الذي يعتبر اول اضطهاد عاناه شعبنا المسيحي والذي بدا وارتبط باستشهاد عودين عظيمين في الكنيسة وهم الرسولان بطرس وبولس. لهذا نرى ان الاستشهاد في المسيحية لا يوجد مثلها استشهاد في الحماسة والشجاعة والايمان والوداعة والصبر واحتمالية الفرح بالاستشهاد فداء للايمان، فقد برهنوا شهداء المسيحية انهم مشاريع استشهاد دفاعا عن ايمانهم ودينهم وانهم يقبلون على الموت فرحين هادئين وبكل وداعة يقابلون مضطهديهم بشجاعة وايمان.
وهكذا كان شيخ الشهداء المطران فرج رحو وما اعلانه قبل الاستشهاد وكلامه الموجه للاخرين بان اخبرهم انه في حالة اختطافه ان لا يتم دفع اي فدية لاطلاق سراحه سوى لانه مؤمن بان اللقاء بربه ومعانقة الشهادة هي اسمى واعلى قمه في الايمان ولان الشهيد المطران فرج رحو كان يرى ان العالم الحالي عالم وقتي قياسا بالحياة الابدية وان ضيق واحزان هذه الحياة تتحول الى مجد عظيم في السماء وللتاريخ نقولها ان المطران الشهيد فرج رحو وبالرغم من الجبروت والغطرسة والظلم لقاتليه في اثناء الاختطاف الذي استمر بحدود اسبوعين الا ان قاتليه فشلوا في اخضاعه لطلباتهم المجرمة وكان رافضا بكل عنفوان مؤمنا بمسيحيته وبوطنه وشهادته كانت شجاعة وفضيلة وقيم تجلت بما تعلمه من ربه وبيته وعائلته وصدقه في الايمان بمسيحيته وكان ثابتا في ايمانه الذي انتصر له ولهذا فان الكنيسة تتشفع بالشهيد والشهداء، وهذه هي عقيدة ايمانية انجيلية تمارسها الكنيسة الجامعة وفي طقوسها تذكر الشهداء وتضع ايقوناتهم وتحتفل بتذكار استشهادهم سنويا.
اننا اليوم اذ نستذكر شهادة الشهيد المطران فرج رحو انما نقدم نموذج للايمان وللبطولة وللصبر والثبات على الايمان ومحبة المسيح التي تعلمها رجل الايمان والتي لا يجوز التفريط في العقيدة وعدم التزعزع عنها، ومن المؤكد ان الكنيسة تعمل على الاحتفال بالشهداء، لان التجارب التي تحيط بالكنيسة هي الالام والاضطهاد وهو الذي يفرز الايمان الصادق من الايمان الكاذب والذي من المؤكد انه يفرز بين الايمان في القلوب والايمان في الحلوق، وهذا هو الايمان الحقيقي الذي يخضع له المومنين وسوف يكون على المحك في ايمانه والتزامه بصخرة السيد المسيح لان دماء الشهداء هي بذرة من بذرات الايمان بالرغم من العذابات وهكذا كان شهيدنا المطران فرج رحو الذي استبسل وبشجاعته وقوته وصبره وامانته وثباته وعدم تزعزعه بحبه لصخرة السيد المسيح ولهذا فان الشيخ الوقور الشهيد الحي المطران فرج رحو اعطى روحا جديدة لكنيسته لكي لا تموت في فترات الضعف التي يضن البعض فيها بانها ضعيفة فهؤلاء الرجال الشهداء هم من اعطوا قوة لبقاء الكنيسة وتقويتها وكانت فترة اختطاف المطران الشهيد هي فترة المخاض للمؤمنين والكنيسة واستشهاد شيخ الشهداء فرض فرصة اثبات الايمان المسيحي في امتنا وثباتنا في عقيدتنا وهؤلاء هم الاباء اللذين نفتخر بهم لانهم تالموا اكثر من غيرهم وهم اللذين صبروا واحتملوا العذابات وهكذا الالام هي فرصة ليبرز فيها الصابرون، كما صبر سيدنا ومرجعنا غبطة البطريرك الجليل ساكو الذي وقف كنخلة العراق الشامخة للدفاع عن حقوق شعبنا المسيحي واعاد حقه وحق الكنيسة بصبره وقوة ايمانه.
اننا في هذه الايام نتذكر الرجل الشجاع ورفاقه الابرار فاننا نعاهد ارواحهم باننا سنبقى على خط سيرهم سائرون وعلى طريق ايمانهم عابدون فقد ضحوا بارواحهم من اجلنا جميعا، فجنات الخلد التي تضم اليوم الشهيد ورفاقه تزهوا بنور الايمان وتنظر الينا لكي نكون صامدين مبتهلين الى الرب يسوع ليقف مع كل من يدافع عن ايمانه وعقيدته فالحياة هي زائلة اليوم او غدا او بعد سنين ولكن ذكرى الشجاعة والايمان وحب الاوطان يبقى مطرز بكلمات محفوره في تاريخ الشعوب لا يوجد ما نقول الا ان نطالب حكومة العراق باظهار والاعلان عن القتلة الحقيقيين حيث ظهر اكثر من قاتل اعترف بقتل المطران الشهيد فرج رحو ورفاقه الشمامسة ولغاية يومنا هذا نتابع بكل جد رئاسة القضاء الاعلى لكي يفصح عن القتلة واسباب هذه الجريمة التي هزت العراق والعالم وبسببها بدات الهجرة من بلد بناه اهله قبل الالاف السنين وان دعوة دولة رئيس الوزراء بعودة المسيحي مرهونه بكشف الحقائق واعادة اللحمة الوطنية والحفاظ على املاك المسيحيين واعادة الاملاك المغتصبة ومنح حقوقهم وعدم تهميشهم وبهذا يكون العراق قد اوفى بما يقول ..ولكي تبقى ارواح شهدائنا ترفرف في عليين تنظر الينا جميعا وتمنحنا القوة والايمان ليبقى العراق بلد يجمع الجميع في بودقة الوطن.