البطريرك ساكو يقدم محاضرة عن يوبيل السنة المقدسة 2025 “حجاج الرجاء”
اعلام البطريركية
قدم غبطة البطريرك لويس روفائيل ساكو مساء يوم السبت 11 كانون الثاني 2025 في كاتدرائية مار يوسف في الكرادة – بغداد محاضرة عن يوبيل السنة المقدسة 2025 “حجاج الرجاء” سبقتها نبذة تعريفية عن سنة اليوبيل قدمها الاب امير كمو، راعي كنيسة القلب الاقدس بحضور سيادة المطران باسيليوس يلدو، المعاون البطريركي والاباء الكهنة والاخوات الراهبات وجمع من المؤمنين.
وفيما يلي محاضرة غبطة البطريرك :
في العهد القديم
اليوبيل تقليدٌ نجده في العهد القديم. حيثُ كان اليهود يَشتغلون ستِّ سنوات متتالية، ثم يرتاحون في السابعة، تماما كما كانوا يعملون ستةَ أيام في الأسبوع، ويرتاحون في اليوم السابع- السبت (السبات)، اي الراحة. وبعد سبع مرات لسبع سنوات كانوا يحتفلون بالسنة الخمسين، سنة اليوبيل، يقول سفر الأحبار: “اَحسُبْ لَكَ سَبعَةَ أَسابيعَ مِنَ السِّنين، أي سَبعَ مَرَّاتٍ سَبْعَ سِنين، فتَكونُ لَكَ أَيَّامُ أَسابيعِ السِّنينَ السَّبعةِ تِسعاً وأَربَعينَ سَنَة. وآنفُخْ في بُوقِ الهُتافِ في اليَومِ العاشِرِ مِنَ الشَّهرِ السَّابع، في يَومِ التَّكْفيرِ تَنفُخونَ في البوقِ في أَرضِكم كُلِّها. وقَدِّسوا سَنةَ الخَمْسين ونادوا بإِعْتاقٍ في الأَرضِ لِجَميعِ أَهْلِها، فتَكونَ لَكم يوبيلاً، فتَرجِعوا كُلُّ واحِدٍ إِلى مِلكِه وتَعودوا كُلُّ واحِدٍ إِلى عَشيرَتِه. سَنَةُ الخَمْسينَ تَكونُ لَكم يُوبيلاً، فلا تَزرَعوا فيها ولا تَحصِدوا خِلفَةَ زَرعِكم ولا تَقطِفوا ثَمَرَ كَرمِكم غَيرِ المَقْضوب. إِنَّها يوبيل، فتَكونُ لَكم مُقَدَّسة” (25/8-12). سنة اليوبيل كانت تشمل ايضاً اعفاء الديون (سفر حزقيال 46/ 17). وبحسب انجيل لوقا طبق يسوع برنامج سنة اليوبيل على نفسه، وعدّه يوبيلاً دائما: “روح الرّبّ عليّ، لأنه مسحني لابشِّر المساكين، أرسلني لأشفيّ منكسريّ القلوب، وانادي المسبيين بالافراج، وللعميان بالبصر، وبتخلية المأسورين، وأعلن سنة رضا( يوبيل) عند الرّبّ”( لوقا4/18).
اليوبيل برنامج العهد الجديد الذي جسده يسوع، ويتعين على الكنيسة والمسيحيين ان يطبقوه في واقعهم على مدى الزمن، ليخففوا عن الظلم والفقر والمرض واحترام حرية الناس وكرامتهم.
في الكنيسة
اليوبيل تقليدٌ عريق في الكنيسة الكاثوليكية، وذو قيمة روحيّة عالية، مارسته منذ 1300، ليغدوَ زمناً مقدساً للمؤمنين. كلمة يوبيل “Jubileo ” تشير الى الاحتفال بفرح المصالحة والمغفرة التي ننالها من الله ومن الاخرين. يهدف اليوبيل الى تنقية الذات وإعادة العلاقة مع الله، ومع الاخرين الذين نعيش معهم. اليوبيل سنة مفتوحة لبناء الذات، وتنقيتها وإعادة العلاقة السليمة مع الله، ومع الاخرين الذين نعيش معهم، ومع الخليقة. عموما يحتفل باليوبيل كل خمسين سنة، لكن استثناء كل 25 سنة أيضا كاليوبيل الحالي.
الباب المقدّس
يُعد الباب المقدس رمزًا مهمًا في اليوبيل، حيث يُمثل فتحه بداية السنة المقدّسة، وإغلاقه نهايتها. في روما تفتح أبواب اربع كنائس خلال اليوبيل: هي البازيليكات الكبرى: القديس بطرس، القديس يوحنا اللاتراني، مريم الكبرى (ماريا ماجوري)، والقديس بولس خارج الأسوار.
يرمز الباب إلى العبور الرمزي من الخطيئة إلى النعمة، وهذا مستوحى من قول المسيح: “أَنَا هُوَ الْبَابُ. إِنْ دَخَلَ بِي أَحَدٌ فَيَخْلُصُ” (يوحنا 10: 9).
يترأس البابا في روما والأساقفة في أبرشياتهم هذه الاحتفالات التي تتكلل دائماً بالاحتفال بالقداس.
تُجسد هذه الاحتفالات وِحدة المؤمنين وتدعوهم إلى اليقظة والتوبة، والاستفادة من رحمة الله.
شعار الرجاء لهذا اليوبيل، اختاره البابا فرنسيس لحاجة عالما الى الرجاء. الرجاء يحمل لنا العزاء ويدفع كلَّ شيء إلى الأمام، لذلك علينا ان نُبقِيَ شعلته مضاءة في داخلنا، ونحمل نوره في ظلام عالمٍ منقسمٍ وجريح!
اهداف اليوبيل
1- عندما ندع صوت الله يكلّم قلوبنا، سنجد بوضوح كل ما يريد الله ان يقوله لنا لنجسده بفرح وننقله برجاء الى الاخرين. الصلاة والإصغاء إلى الروح القدس يرشدنا في وقت الخطيئة والأزمات والتعب.
2- التوبة والمصالحة هي في قلب اليوبيل
اليوبيل فرصة لنبدأ مرحلة جديدة يسميها الانجيل التوبة، لكي نتخلص من الماضي المؤلم من تضخيم الذات، والأنانية والفساد وروح الانتقام.
أول خطوة نبدأ بها لنوقظ حقيقتنا هي المصالحة والتغيير عبر فحص الضمير في مجتمع مشوش.
المصالحة تكمن في معالجة الخصومة والزعل وروح الانتقام من خلال الاعتراف الصريح بالخطأ، والندم الداخلي العميق على ما ارتكبناه من خطأ، والشجاعة في طلب الغفران، والسعي لتغيير السلوك لنعيش بسلام ووئام. ومثلما يفتح الله باب الرحمة والنعمة والمغفرة لمن يتوبون حقا، علينا نحن أيضا ان نغفر لمن اساء الينا، ونطلب المعذرة لمن أساء اليهم. هذا ما علَّمهُ يسوع في صلاة الأبناء: “اغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضاً لمن أخطأ إلينا” (متى 6/ 12).
3- خدمة المحبة والرحمة
اليوبيل مناسبة فريدة لمدّ يد العون نحو الآخرين: التطوع بسخاء في خدمة الفقراء، والأشخاص المرضى وذوي الإعاقة: تقديم ملابس لا نستعملها ، اثاث، مواد غذائية، نقود... يقول البابا فرنسيس كل عمل من اعمال الرحمة هو علامة الرجاء (عظة قداس الاحد 17/11/2024 بمناسبة يوم الفقير). ما نعطيه يبقى وما نأكله يزول. هذا التغيير اليوبيلي لا يمكن أن يتحقق من دون ترسيخ ثقتنا بالله وطاعتنا له. قراءة رسالة البابا فرنسيس العامة “لقد أحبّنا Dilexit nos ” تساعدنا على التأمل في موضوع اليوبيل والتحلي بالرجاء الذي يقودنا في “حَجٍّ روحيٍّ داخلي“، وتقاسم المحبة.
النشاطات
من المؤكد ان البطريركية والابرشيات في الداخل والخارج سوف تنظم نشاطات متعددة منها:
1- تنظيم خدمة روحيّة وليتورجيّة خاصة باليوبيل: صلوات مشتركة وقداديس خاصة، وحلقات تأمل في كلمة الله، ورتب توبة جماعية.
2- الحج الى الأماكن المقدسة، في روما/ إيطاليا ، ولورد/ فرنسا ، وفاتيما/ البرتغال بحيث يضمن استمرارية حضور كنيستنا في هذه التجمعات الكنسية ذات القيمة الروحية العالية كذلك الحج الى المزارات الكلدانية داخل العراق.
هذا وقد شكلنا في بغداد لجنة لتنظيم الحج في داخل العراق وخارجه.
لنضع هذه المسيرة في ظل حماية امنا مريم لكي ترافقنا في سنة اليوبيل كما رافقت ابنها يسوع.
سنة يوبيل مقدسة للجميع.