تأملات البطريرك ساكو في آحاد البشارة – سوبارا
الأحد الثالث: ميلاد يوحنا “فرح للمؤمنين” (لوقا 1/ 57-80)
عادت مريم بعد التعداد السكاني الى بيتٍها في الناصرة، بينما يبقى قاريء انجيل لوقا مع زكريا يُتابع سَيْرَ الاحداث. يسرد لوقا مولد يوحنا بإختصار، بينما يتوسع في سرد خبر يسوع. هَمُّه الأول ان يكشف ان مولد يوحنا يأتي لاكتمالِ مشروع الله الخلاصي.
الشخصية المركزية في مولد يوحنا هي اليصابات. وهي التي تُعطي الاسم: “أَرادوا أَن يُسَمُّوُه زَكَرِيَّا بِاسمِ أَبيه، فتَكَلَّمَت أُمُّه وقالت: لا، بل يُسَمَّى يوحَنَّا (لوقا 1/ 59-60).
سؤال الجيران: “من سيكون هذا الطفل”، ياتي الجواب عنه في نشيد زكريا: “انه سيغدو نبيّ العليّ”، بينما يسوع هو “ابن العلي” بحسب ما قاله الملاك لمريم. وهذا اختلاف جوهري.
ما يُلفِت الانتباه هو ان فرح زكريا واليصابات والجيران هو فرح جميع المؤمنين.
ما ينبغي ان نعرفه ليس كونها أنجبت طفلاً، بل ان الرب غمَرَها برحمته (لوقا 58). وهو مستعد ان يغمرنا نحن أيضاً بنِعَمه اذا فتحنا له قلوبنا. يوحنا بالعبرية يعني عَمَلَ الربُّ كَرَماً.
في الواقع، يُسلّط لوقا الضوءَ على تحقيق كلام الملاك لزكريا وهو أبكم وأصم. والمعجزة التي يدور الحدث حولها سبَّبَت دهشةَ الجميع. وتضاعفت الدهشة عندما انفتح فم زكريا.
في إنجيل لوقا إنْ كان بالنسبة للرعاة (2/ 17-18) أو في اعمال الرسل (1/ 10-11 و18)، فالخلاص يصل إلى القلوب عِبر شهاداتٍ حيّة لأشخاصٍ مؤمنين (لوقا 1/ 66): “ذاكَ الَّذي رَأَيناه وسَمِعناه، نُبَشِّرُكم بِه أَنتم أَيضاً، لِتَكونَ لَكَم أَيضاً مُشاركَةٌ معَنا” (1 رسالة يوحنا 1/ 3).
كان مؤمنوا الجماعة المسيحيّة الأولى يتحدثون باندفاع من الروح القدس عن خبرتهم الايمانيّة، ليشجعوا الاخوات والإخوة الذين يتعرضون للاضطهادات ويرفعوا من معنوياتهم.
يختفي زكريا كليّاً عن المشهد بعد نشيده، وتختفي اليصابات ايضاً، لأن يوحنا كان ينمو ويقوى. هذا قيل أيضاً عن يسوع (لوقا 2/ 40) وعن البشارة بكلمة الله التي كانت تنتشر (الاعمال 19/ 20). يوحنا يذهب الى البريّة لإعداد نفسه (رياضة روحية)، منتظراَ يوم ظهور المسيح لبدء رسالته.
في الختام، نحن أيضاً مثل يوحنا مرسَلون بحكم معموديتنا، لحمل بشرى الله الى الناس، وتمهيدهم لاقتبال نِعَمِه.
لذلك
علينا ان نفتح له قلوبنا
ولنكن بمثالنا شهوداً لفرح اللقاء به
ونوراً
نقود الآخرين اليه