الحقيقة الغائبة
بقلم عادل بقال
هناك مثل افريقي يقول: “ما دامت النمور لا تمتلك مؤرخيها فإن حكايات الصيد ستظل تُمجد الصيادين”.
فالكثير من أبناء الشعب العراقي والعربي لا يعرفون ويجهلون تاريخ المسيحيين العراقيين ومسيحيي بلاد الهلال الخصيب والوطن العربي من الكلدان والأشوريين والسريان فتاريخهم موغل في القدم في هذه المنطقة منذ آلاف السنين وقبل مجيء المسيحية لأن التاريخ يكتبه المنتصرون وهناك تعتيم متعمد للحقبة المسيحية وتاريخ منطقتنا غلب عليه التزوير وقد كتبه المؤرخون حسب ميولهم واهوائهم ومعتقداتهم ونحن نشاهد أمام أعيننا تزوير تاريخنا المعاصر فكيف بالتاريخ المنصرم وقد دخلت المسيحية في هذه البلاد منذ القرن الأول الميلادي وكانت اللغة الأرامية بلهجتها السريانية هي اللغة المتداولة في بلاد الرافدين ومنطقة الهلال الخصيب وكان المسيحيين يشكلون الجزء الأكبر من السكان وبالإضافة إلى المسيحيين كان هناك تجمعات للديانات الأخرى مثل الزارداشتية واليهودية والمانوية والصابئة المندائية وقد بدأت أعدادهم في التقلص مع مرور الزمن وإذا كنا واقعيين بنظرة على واقع المسيحيين والأقليات الأخرى في العراق والدول العربية نرى بأن كيانهم معرض إلى الضعف والهزال ووجودهم إلى التآكل والاندثار٫والانقراض بسبب الحروب والأنظمة الاستبدادية والظلم والتفرقة التي لحقت بها هؤلاء بالإضافة إلى غياب الأمن والاستقرار والعدالة الاجتماعية والمواطنة المتكافئة وكان من المفروض على مجتمعاتنا استنباط الدروس التاريخية النافعة سواء من أحداث الماضي القريب أو البعيد وذلك لأجل بناء المستقبل المشرف لهذه المجتمعات لكي ينعم الجميع بالحرية والأمن والاستقرار دون تمييز أو تفريق بسبب الانتماء القومي الطائفي والديني والعرقي لأن المواطنة هي حقوق قبل أن تكون واجبات وحيثما يشعر الإنسان والمواطن بفوائد مواطنيته ينمو لديه الشعور الوطني وتترسخ في فكرة وذهنه المواطنة الحقيقية والصادقة وما عدا ذلك سوف ندور في حلقة مفرغة من حروب واقتتال واستنزاف لثرواتنا وطاقاتنا المادية والبشرية كما حدث في لبنان والعراق وسوريا واليمن وليبيا والجزائر ومصر وأن لم نستذكر هذه النقاط الحيوية لكي نعيها، وان نتعلم من اخطائنا فسوف تكون العواقب أكبر على مستقبل أجيالنا القادمة.