رسالتي الى الكلدان
عودوا الى ينبوع روحانيتكم الكلدانية الأصيلة
الكاردينال لويس روفائيل ساكو
الإيمان نورٌ يُضيء قلبَنا لتقبل كلمة الله. الإيمان مرتبط بالحبّ والإصغاء الى ما يقوله الله لنا، وما تحمله كلمته من الرجاء، لنجسِّده في تفاصيل حياتنا اليومية.
أدعوكم في هذه الظروف الى التأمل بهذه الأمثلة الأصيلة الثلاثة من ارثنا الروحي: إبراهيم والمجوس وتوما، لكي يُفيض الله نِعَمه في قلوبنا، فنصير بناته وأبناءه: “أَمَّا الَّذينَ قَبِلوه وهُمُ الَّذينَ يُؤمِنونَ بِاسمِه فقَد مَكَّنَهم أَنْ يَصيروا أَبْناءَ الله” (يوحنا 1/ 12).
هذه اللحظات المتواصلة مع الرب بالإصغاء والصلاة، والمفعَمة بالنِعَم تدعم مسيرتنا المسيحية، وتساعدنا على جلب العديدين الى الله كما فعل إبراهيم والمجوس وتوما الرسول.
نحن أمام ثلاثة لقاءات هي ثلاث ليتورجيّات لان الليتورجيا الحيّة هي الاحتفال بسرِّ لقاء الله والانسان، أما العناصر الأخرى فتدور حول هذا الحضور الالهي بين المؤمنين.
إبراهيم: ليتورجيا الكلمة
- إبراهيم من اور الكلدانيين، يكشف لنا وجه الله
ولد إبراهيم من تارَح إبن ناحور “في أُورِ الكَلْدانِّيين، مَسْقَطِ رأسِه” (تكوين 11/ 27). هذا الوجه الروحي النيرّ قَلَبَ إيمانُه حياتَه رأساً على عقب: “وقالَ الرَّبُّ لأَبْرام: اِنطَلِقْ مِن أَرضِكَ وعَشيرَتكَ وبَيتِ أَبيكَ، إِلى الأَرضِ الَّتي أُريكَ. وأنا أَجعَلُكَ أُمَّةً كَبيرة وأُبارِكُكَ وأُعظِّمُ اسمَكَ، وتَكُونُ بَركَة” (تكوين 12/ 1-2).
إبراهيم الذي تقبل كلمة الله بالتزام مطلق، وترك مدينته وأهله والتضحية بابنه، يرسّخ فينا الرجاء.
إني مسرور ان أحد أبناء الكلدان الدكتور ادور فتوحي قطلما، شيّد كنيسة كلدانية جميلة في اور الكلدانية باسم “النبي إبراهيم” لتغدوَ محجَّاً للمؤمنين ليلهمهم مثالَ إبراهيم، فيكون إيمانهم النور في حياتهم، وعلاقتهم مع الله حيوية.
المجوس: ليتورجيا الميلاد
- المجوس من المشرق، لنكن النجم الذي يُرشِد الى المسيح
يقول الإنجيلي لوقا: “ولمَّا وُلِدَ يسوعُ في بَيتَ لَحمِ اليهودِيَّة، في أيَّامِ المَلِكِ هيرودُس، إِذا مَجوسٌ قدِمُوا أُورَشليمَ مِنَ المَشرِق وقالوا: أَينَ مَلِكُ اليهودِ الَّذي وُلِد؟ فقَد رأَينا نَجمَه في المَشرِق، فجِئْنا لِنَسجُدَ لَه” (متى 2/ 1-2). أتوا من المشرق، بلاد ما بين النهرين، يقودهم “النجم” الى حيث الطفل يسوع ليسجدوا له. لقد تجشَّم هؤلاء المجوس المخاطر في سبيل الوصول الى حيث هذا الطفل الإلهي وسَجَدوا له.
يعلّمنا هؤلاء المجوس كيف نجد الطريق الى المسيح ونسجد له، ونجعل إيماننا حياّ، وليس ممارسة سطحية. لنكن نجماً نقود الناس الذين نعيش معهم الى المسيح، كما فعل أبآؤنا الأوائل الذين حملوا الإنجيل إلى بلاد فارس وأفغانستان والهند والفليبين والصين وبلدان الخليج.
توما الرسول: ليتورجيا القيامة
- توما الرسول، المسيح معنا وفي داخلنا
توما أمام يسوع القائم من بين الأموات يخرُّ على قدميه ساجداً ويعترف بتأثُّر: “ربي والهي” (يوحنا 20/ 29). يعلّمنا الرسول توما ما هو الطريق الذي يتعيّن علينا إتّباعه لنكون مع يسوع: “يا رب، لسنا نعرف الطريق أين تذهب؟” فأجابه يسوع: “أَنا الطَّريقُ والحَقُّ والحَياة” (يوحنا 14/ 6).
ثم أمام تخوّف التلاميذ يدعوهم توما بقوة (ونحن معهم) لاتّباع يسوع الى النهاية: “فَلْنَمْضِ نَحنُ أَيضاً لِنَموتَ معَه” (يوحنا 11/ 16). أحياناً كثيرة، نظل مرتبطين بأنفسنا، ونركّز على ذاتنا فلا نقدر ان ننفتح على الاصغاء، وإقامة كذا علاقة وجدانية.
ثمة حاجة للتوقف والتأمل في ايماننا بجديّة
لنعيش حياة مسيحية حقيقية مفعمة بالحب والرجاء