تطلعات كهنوتية السينودس العتيد
بقلم الخورأسقف نوئيل فرمان
إنه انتظار لموعد موشك للمجمع المقدس (السينودس) لآبائنا القديسين أحبار كنيسة المشرق الكلدانية في 15- 19 تموز 2024. خلاله ابث من القلب مشاعر نحو التفكير بصوت مسموع عن بعض تطلعات متواضعة أضعها تحت انظار الأحبار الأجلاء.
من مقاسمة انجيل السابع من الرسل إلى مقترح قراءات كتابية موزعة على سنتين طقسيتين
أجل، ومن أنا أكثر من قسيس بسيط، لأكتب عن مجمع مقدس قبيل انعقاده. فما كنت لأحوّل هذه التطلعات إلى مقال، لولا فكرة روادتني مع ما اقترح عليّ بهذا الشأن عصر الأحد الماضي السابع من الرسل. كان ذلك عن مقاسمة ذلك الأحد بشأن الباب الضيق (لوقا 13: 22- 30). وهو النص الإنجيلي لآخر طبعة من كتاب حياتنا الليتورجيا، للكاردينال البطريرك مار لويس ساكو. وبموجب كتاب حياتنا الليتورجية اصبح النص الانجيلي والكتابي لكل أحد يقدم محورا أساسيا تناوله الكاهن في مقاسمته الانجيل. مم كان يدرج عليه سابقا بنحو أو آخر، في أخذ فكرة أساسية من القراءة ومقاسمتها، عندما كان يرتل بسلطنة طقسية بادية، كل النص للأناجيل الطقسية المتوزعة على مدار سنة طقسية واحدة.
الإنجاز الآخر الذي حققته البطريركية في هذا المنوال، هو توزيع قراءات الأناجيل وسائر النصوص الكتابية على القداديس اليومية، كما لدى الكنيسة الرومانية الكاثوليكية – اللاتين، حيث تظهر في كتيبات تطبع وتوزع شهريا في الخورنات اللاتينية. وكانت المبادرة البطريركية كبديل إبداعي عوض تناول إحداها عشوائيا بحسب رغبة قارئ النص: بأنواع كثيرة وأشباه شتى، كلم الله آباءنا في الأنبياء منذ القديم (عبرانيين 1) بحيث حفظناها كتلامذة كنيسة مار يوسف- الموصل، عندما تعلمنا الخدمة والرمش والخط الكلداني على يد خالد الذكر الراحل القس توما حنونا مثلما كاد أن يحفظها المستمعون عن ظهر قلب، وكانت تعقب قراءة رسائل مار بولس، قراءة اي نص انجيلي يختاره المحتفل، من قراءات الآحاد، بحسب مناسبة ذلك اليوم.
مقترح السنة الطقسية الثانية، بعد السنة الطقسية الأولى لكتاب حياتنا الليتورجية.
وخلال مقاسمة الإنجيل للأحد السابق، انتبهت أن نص الكتاب التقليدي لأيام الآحاد الذي نستخدمه باللغات الاربعة، يبقى منها محور آخر، في هذه النصوص المقسمة على مدى سنة طقسية واحدة. بحيث ان المؤمنين الذين يتواصلون مع الكنيسة في أيام الآحاد، سيغيب عنهم القسم المتبقي، طوال تواصلهم مع قداس الأحد، عبر العمر كله. هكذا فقد جاء في الكتاب التقليدي، النص المتبقى للأحد السابع من الرسل، موضوع: يسوع واصفا هيرودس بالثعلب، وينتهي بآية: إنكم لا ترونني حتى تقولوا مبارك الآتي باسم الرب. (لوقا 13: 31- 35)
سياق الثلاث سنوات الطقسية لدى اللاتين، شمولي ولكن…
قد يكون هذا الإجراء لتوزيع القراءات على سنتين طقسيتين، اكثر ناجعا من السياق الذي درجت عليه الكنيسة الكاثوليكية- اللاتينية. هذا السياق اعتمد توزيع القراءات الطقسية على ثلاث سنوات طقسية، سياق برغم شموليته، فهو يشتت المؤمنين أيضا، إذ من منهم سيتذكر نص تمت قراءته منذ 3 سنوات. تم تصنيف هذه السنوات الطقسية بحسب الحروف الابجدية اللاتينية الاولى كالآتي: “سنة اي” “سنة بي” و “سنة سي”: سنة أي (لانجيل متى) سنة بي (لانجيل مرقس وهي السنة الحالية) وثالثا سنة سي (لانجيل لوقا) وقد وضع انجيل يوحنا على مدى كل هذه السنوات للمناسبات الطقسية الكبرى: الاعياد، الصوم والقيامة.
نحو لغة كلدانية سوادية موحدة
وعلى ذكر الانجيل المتداول في شمال أمريكا فهو الطبعة الحديثة بأربع اعمدة للغات: الانكيلزي، الكلداني، العربي والكلداني السوادي. وجاءت لغته الانكليزية بلغة بليغة معاصرة، واللغة العربية بترجمة البشيطتا المتداولة في كنيستنا المشرقية، أما اللغة الكلدانية السوادية، ولا نسميها السورث خشية ان نوصم بنحو قومجي آخر، فقد جاءت مقابلها الكلدانية الفصحى مما يدعو المرتل، لدى التحضير ان يراجع بعض الكلمات المتداولة محليا والموضوعة ليسهل فهمها لدى عموم المؤمنين المحليين في شمالي أمريكا. ليوازيها مع النص الكلداني الفصيح، فيعالج المرتل مفردة مثل شقوليه ايشوع قمجي… (خولا) كما يعالج مرتل أو قارئ الانجيل بحسب لهجته مفردة مثل مفردة “عرج” الي جذر، ليبدلها تبديلا. فيكون الرجاء من آباء السينودس القديسين، ان يوجهوا بتعميم لغة كلدانية سوادية مشتركة لجميع المؤمنين في الوطن وفي بلدان الانتشار، مع شرح المفردة العصية المآخوذة من الاصل الفصيح، سواء بين قوسين او في الهامش.
أما بعد، السادة الأحبار الأجلاء، فالعشم ألا تتحسسوا بتواضع مرهف من وصفكم بالقديسين، هذا ما تداوله مار بولس في رسائله، عن خلفاء الرسل والمسيحيين الاولين. وهذا ما نصفكم به في طلبات نقوم شبير. فأنتم قديسون، لسيركم على طريق القداسة الذي يتكلل حتى ختام العمر الطويل؛ بكل ما يتخلل هذا المسير من اختلاف بين الرسل، اصدت له اسفار العهد الجديد. فإن كان ثمة ما تميز في حسكم الراعوي، فهو إن الاختلاف في الرأي او المواقف، عالجتموه عموما برقي جميل وبصمت بليغ. لأقول: ولئن كنت لا استطيع ان اتحدث باسم احد، فإني اعتقد ان الكثيرين معي كهنة، مؤمنات ومؤمنين، يفتخرون بكم بمحبتكم، بحسكم الراعوي، ومعجبون حتى بتنوعكم كما باختلافكم، إذ تعبرون عن ذلك بمثل هذا الرقي والصمت البليغ.
وأذا كان ثمة ما يضاف على بركات انعقاد المجامع المقدسة، فهو ما يجعلها بوحي من الروح القدس، وما يلهمه من مساعي- حميدة لتوحيد المصاف الاسقفي على المحبة والغيرة الرسولية في رعاية شعبنا المسيحي وخدمة الكنيسة إزاء ما تواجهه في كل مكان من تحديات، والسعي المسؤول لبناء غدها المشرق بنعمة الرب