هل لرجل الدين أن “يأكلَ مع الذئب، ويَصيحَ مع الراعيّ” كما يقول المثل؟
الكاردينال لويس روفائيل ساكو
لرجل الدين رسالة انسانية وروحية واخلاقية سامية واضحة، لا تقبل التأويل والمساومة، ترتكز على إعلان كلمة الله للناس بأمانة، وبطريقة جديدة ونبرة نبوية ليَسموا ويَرتقوا، في عالمٍ تراجعت فيه القيم والاخلاق.
مهمة رجل الدين التي من أجلها كرَّس نفسه هي: التعليم الديني السليم، ونصح الناس بالاخلاق الحميدة، وحماية السلام، والتأكيد عليه دائماً. كما من أولويات خدمته، الإصغاء إلى حاجات الناس وتلبيتها بمحبة، والتخفيف عن وجعهم، ورفع معنوياتهم في الظروف الصعبة.
نُفاجأ احياناً ببعض رجال الدين يستحوذ عليهم “روح العالم” كما يسميه انجيل يوحنا، فتخرج رسالتهم عن نطاقها، بدل التمسك بروح الله، “روح الحق” (يوحنا 14/ 17)، “وَنَحْنُ لَمْ نَأْخُذْ رُوحَ الْعَالَمِ، بَلِ الرُّوحَ الَّذِي مِنَ اللهِ، لِنَعْرِفَ الأَشْيَاءَ الْمَوْهُوبَةَ لَنَا مِنَ اللهِ”، (1 قورنثية 2/ 12). على رجل الدين ان يكون صوت الحقيقة!!
لهذا السبب أوجّه سؤالي بالتحديد الى بعض رجال الدين، لهم علاقة مباشرة مع جهة مصنّفة مع الارهاب؟ كيف يمكن ان يدعموها خلال مقابلات متلفزة؟ وكيف يزورون مقرّاتها، ويستقبلون مسؤوليها، ويضفون نوعا من الشرعية عليهم؟ كيف يتجرأ احد رجال الدين على القول: “انهم خير من يمثلوننا” ويعرف اعتداءَهم الصارخ على اهلنا ومناطقنا؟ وكيف يستلم بعص رجال الدين منهم اموالاً مسروقة من المال العام، أو مكتسَبة بطرق غير شرعية وغير اخلاقية؟ أليس هذا حراماً؟
أما يطبّق على هؤلاء المثل المعروف: “يأكل مع الذئب ويصيح مع الراعيّ”، بينما يحذّرنا الرسول بولس: “لا تقدرون أن تشربوا كأس الربّ، وكأس الشياطين” (1كورنثس 10/ 20-21).
هالة رجل الدين المسيحي ينبغي ان تنبع من التزامه بروح الانجيل، وقواعد الاخلاق المسيحية، والسعي الدؤوب ليشع على وجهه نورُ وجهِ المسيح. هذه الروحية وحدَها ترسم شخصيتَه وتكشفها للرعيّة، وتعدُّ أبديّته، وليس غير ذلك؟ فالنور المشع لا يحجب! “مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ” (متى 7/16). إنها ساعة الحقيقة.