الملائكة والشياطين الى اين؟
الكاردينال لويس روفائيل ساكو
عنوانٌ غير مألوف، لكن نظرة إلى عالمنا اليوم، تدعو بين الفينة والأخرى، إلى فرزٍ بين الجانبين. هذا ما دعتني إليه هذه الخاطرة.
أقصد هنا “بالملائكة” كلَّ الأشخاص الذين لمساتُهم الإنسانية رقيقة، والتزامهم بالمبادئ السامية والأخلاق الحميدة مطلق. يخدمون الكل بما في وسعهم عن وعي وإدراك، ويطالبون بحقوق المواطنين وحريتهم وكرامتهم.
من المؤسف القول ان هؤلاء الاشخاص عموماً مبتلون، يتعرضون للاعتداء والتسقيط بسبب صدقهم وحرصهم وجرأتهم. يلجأُون الى القانون لاستعادة حقهم وكرامتهم، لكن القانون ضعيف عندما لا تقدر الدولة على تطبيقه.
هذه الظاهرة أساساً مرتبطة بالسلطة/ الحكومة التي نجاحها يُقاس على حفظ الأمن وحقوق المواطنين، ومنع انتشار الفساد والرشوة، وتحقيق النمو والازدهار، وليس استرضاء المتنفذين على حساب العدالة.
وأقصد “بالشياطين“جميع الأشخاص الذين سلوكهم غير أخلاقي وغير حضاري. قد يكون لهم دين، لكن لا ايمان لهم، لان سلوكهم يتقاطع مع الايمان. ينسفون الثوابت والقيم الانسانية والروحية والوطنية بكل الطرق، وفوق كل الاعتبارات لتثبيت شخصيتهم ونفوذهم، ولخدمة مصالحهم (السلطة والمال). وعندما يكون لهم المال والسلاح، يستقوون ويعدون أنفسهم فوق القانون، ويرهبون ويخيفون!
أما ما بينهما، من لون رمادي فلا يقل جسامة، على أن هذه المقارنة اليوم، تُلقي الضوءَ على الوضع العام الذي نعيشه في بلداننا.
سابقا، كان الصراع مباشراً ومحصوراً بين شخصين أو عدة اشخاص او مجتمعات، اما اليوم فقد ازداد الوضع سوءاً ، اذ غدا مفتوحاً على مصراعيه، بسبب ما تُتيحه وسائل التواصل الاجتماعي المتطورة من إمكانية إعلامية بكل اشكالها، فيؤسس هولاء جيوشاً الكرتونية تبث اشاعات ومعلومات مضللة، تؤثر على تفكير الناس و مواقفخم وقراراتهم. والمشكلة هي ان محاسبة مستخدميها لا تحصل بسبب تقاسم المصالح، ودعم جهات متنفذة.
وعودة إلى الاخلا ق الحميدة، فإن الأبواب تبقى غير مسدودة، لأن مبادرة التسامح مع هؤلاء ممكنة في حالة تغيير سلوكهم، وإشاعة قدر عالٍ من الثقة، من دون ذلك قد يؤول الأمر إلى فوضى أعظم!
وكأنموذج على أن التعبير عن الرأي المضادّ، لا يتم بأسلوب حضاري، اذكر على سبيل المثال فصيل عراقي معروف، يحمل صفة المسيحي، لكنه يشكل مصدر قلقٍ للمسيحيين. هكذا فإن لهذا الفصيل جيوشاً الكترونية وصفحات تخدع الناس بنشر أكاذيب لا تعد ولا تحصى، ومعلومات مغلوطة من أجل السيطرة التامةّ على مقدرات المسيحيين واحتكارها والتحكم بمصيرهم. وعندما ينتقدهم أحد لا يتعظون، بل يرفعون عليه دعاوى بالقذف!
اننا ننصح على التمسك بضوابط الحشد الشعبي، واوامر القائد العام للقوات المسلحة، وترك الشأن المسيحي للمسيحييين، حينها الكل يحترمهم..
اني اعتبر أوضاع المسيحيين العراقيين واحزانهم “درب الالام“، لكني أؤمن بان الله موجود، وبانه وحده الحافظ، وبان الشر لن يدوم، ويوم الحساب قادم!