الدنح/ الغطاس هو ان نولد من الله، هل سنولد حقا في هذا العام الجديد؟
الكاردينال لويس روفائيل ساكو
كان العام المنصرم صعباً جداً في منطقتنا، على الناس وعلى الكنيسة، ولا تزال قلوبُنا متعبة وقلقة. ما حدث غير مقبول.
من المؤسف ان البشر يعيشون فوضى القيم والعلاقات، والاعتقاد بان المال هو كل شيء،
وأن كل شيء مباح، وكأن الله غير موجود. لا يعلمون اننا من دون الله نضيع!
وسط كل هذا ” الظلام”: يأتي عيد الميلاد والدنح كل عام ليقول: سيكون لنا الافضل عندما نقبل ان نولد من الله بنات وابناء له، واخوات واخوة لبعضنا البعض. هذا هو حجر الزاوية في الإيمان المسيحي. هذه هي الهدية الأجمل والأعظم في حياتنا، لذا ينبغي أن نكون مسيحيين في المحبة مدى الحياة لان الله محبة ورحمة، والمسيح محبة، والمؤمن يجب ان يكون محبة لان” المحبة لا تسقط ابداً” (1 قورنثية 13/8) ! يسوع يدلنا الطريق:” اني الطريق والحق والحياة”(يوحنا 14/6).
الدنح الذي نحتفل به كل عام في السادس من كانون الثاني هو اكتمال ميلاد يسوع. فيه يعلن الله الاب رسميّا يسوع ابناً له: بالماء وبحلول الروح القدس عليه، والشهادة:”هذا هو أبني الحبيب الذي به سررت” (متى 3/17).
معمودية يسوع أساس معموديتنا. فيها نولد نحن ايضاً أبناء لله من خلال الماء والروح القدس. وكأبناء يصير لنا ميراث في ملكوته. هكذا يمكن ان تستمر أيقونة المعمودية فينا الى الأبد.
إنه إلهام الهي يشدد على أهمية التذكير بوعود الله لنا خصوصا اليوم حيث قلوبنا منغلقة وخائفة.
الثقة بالله هي ملجأنا الأخير. الله يتحرك ويأتي الينا ويقترب منا من خلال يسوع ليقول لنا اني أحبكم، انتم بناتي وابنائي، وارسلت اليكم ابني يسوع لتكون لكم فيه الحياة وبوفرة(يوحنا 10/10). لنختبر هذا الحب لان لا يوجد شيء اهم من الحب.
عيد الدنح/ المعمودية هو إحتفال بقلب منفتح ومنشرح، باعلان ان الله هو للجميع، ومن اجل الجميع ليكون لهم مستقبل أفضل. علينا ان نتجاوب معه بقلب صادق وانشغاف وحماسة. الانسان الذي يفتح قلبه وفكره لله يرى الامور بشكل جديد. وإنْ فهمنا أننا محبوبون، فلا شيء يمكن أن يُخيفنا! ولن يكون للشر الكلمة الأخيرة، مهما كان عاتيّا.
الله ليس اله المتطرفين، انما هو المحبة والرحمة للجميع. يحبهم ويأمل في تغييرهم. انه الشعلة التي تنير قلب وعقل من يستقبله.
اذاً الأمر متروك لنا للدخول في مشروع الولادة “من علُ”(يوحنا 3/3)، لمعرفة كيفية إعادة اكتشاف ابوة الله لنا واخوتنا لبعضنا، والخير والسلام والمحبة والثقة والفرح كل يوم.
يذكرنا البابا فرنسيس بذلك في تعليمه: “الله يحبنا. فهو دائمًا مفتوح العين علينا، وينتظر أن نرد له محبته. إن الله يحبنا، ويشفق علينا، ويغفر لنا، ويعزينا”.
ليكن هذا العيد فرصة لتجديدنا بالروح والحق (يوحنا 4/24)، وليكن ايضا لرجال الكنيسة فرصة لمراجعة الذات، وتجديد امانتهم لرسالتهم، بتعليمهم، ومحبتهم، وخدمتهم، ومواقفهم، وشهادة حياتهم، فيكونوا شعلة لرعاياهم.