الحقائق الحديثة في خدمة الكنيسة
مقال للكاردينال فرناندو فيلوني
ترجمة الاخت كارولين جرجيس
تم تقديم كتاب جديد للكاردينال فرناندو فيلوني، كاردينال وأسقف للكنيسة الكاثوليكية، الرئيس الأعلى لجمعية فرسان القبر المقدّس في القدس، حيث تم عرضه في روما يوم الاثنين 11 كانون الاول 2023، حول موضوع ذو أهمية مٌلّحة في هذا الوقت السينودسي بعنوان: المؤتمرات الأسقفية هي مؤسسات حديثة للشركة الكنسية.طُبعَ في دارالنشرالكاثوليكي̧،عدد الصفحات 216 صفحة، السعر 17 يورو.
نيافة الكاردينال ما هي الأسباب التي دفعتك لكتابة هذا الكتاب؟ وما هي الأسئلة الأساسية التي تريد ان تلفت انتباه القارئ؟
منذ أن كنت كاهنا شابا، وكان هذا بعد المجمع مباشرة، بدأت اهتم بدراسة طبيعة وهيكلية المجالس والمؤتمرات الاسقفية، لما كان لها دور مهم في مسيرة الكنيسة. السؤال الذي كان يراودوني هو سبب نشاءت هذه المجالس، كلما تقدمتُ في الدراسة كانت الاجابة تتضح لي, حيث ان وجود هذه الموتمرات لها دور مهم وأساسي في الكنيسة، تعود نشأتها الى الثلاثنيات من القرن الثامن تحت مُسمى اللقاء الودّي للاساقفة ، وكان اسباب النشأة هو حاجة الأساقفة الى اللقاء مع بعضهم البعض من اجل مناقشة القضايا المهمة، ليست الرعوية فقط لكن الوطنية ايضاً.
ان نشوء الدول القومية فرضت على كل كنيسة الاستجابة للمطالب الجديدة للشعب، وكان نشوء هذه الدول بشكل عفوي وليس قرار قانوني. اكتسبت المؤتمرات الأسقفية أهمية كبيرة في حوارها مع المجتمعات والمؤسسات المحلية على مر السنين. كيف يمكن الموازنة بين الخدمة البابوية واستقلالية الاسقف؟
في الواقع السؤال مهم ومثير في نفس الوقت، بالفعل في القانون الكنسي لعام 1917 شعرت الكنيسة بالحاجة إلى التنبؤ بوجودها لما كانت المطالب الجديدة التي فرضها العصر الحديث على العلاقات بين الكنائس والحياة المدنية، والحياة الاجتماعية، والحياة السياسية، لهذا كان يجب من نشوء هذه المجالس كعنصر مهم من عناصر الحوار في حياة كل بلد على حدة . ثم مع المجمع الفاتيكاني الثاني تم إدراك أن هذه المجالس تشكل أداة ضرورية أكثر من أي وقت مضى لتنفيذ تطلعات المجمع نفسه، على سبيل المثال في اختيار الاشخاص المناسبين لتمثيل في المجامع الحبرية المختلفة او تبوء المراكز الكنسية المهمة.
في الواقع، ان نشاة المجالس الأسقفية بسبب الاحتياجات الرعوية، لا تضع نفسها كهيئة وسيطة بين البابا والأساقفة، لأنه في نظام الكنيسة ان قطبيّ مرجعية الكنيسة تبقى تحت سلطة البابا، ولآن الخدمة البابوية وسلطة الأسقف المحلي، كلاهما ذو حق إلهي.
إن جميع الأنماط الأخرى للسلطة لا يعترضون المسيرة ، ولكنها تعمل على مساعدة ودعم البابا والأساقفة المحليين في رسالتهم الرعوية، ليس للتنسيق فقط، ولكن أيضا للأستجابة لتوقعات شعب الله . لذلك، هي أداة فعالة، وقد حققت نتائج مثمرة في السنوات التالية للمجمع، حتى انها اصبحت أكثر إلحاحاً، لتعبير عن احتياجات العصر عبر الفترات التاريخية. لذا فإن الخدمة البابوية البطرسية سوف تستفيد أكثرلانها تبين لها صورة حقيقة وواقع الكنائس المحلية ،وبنفس الوقت سوف تستفيد منها السلطة التعليمية الأسقفية من اجل خطوات التنسيق ومواجه التحديات.
إن خبرة السنوات تظهر أن المؤتمرات الأسقفية تبين ان البيانات، الادوار، والوظائف، ليست دائما متجانسة من بلد إلى آخر. برأيكم هل هناك حاجة، لتعريف الاكثر في هذا الصدد؟
لقد كانت المجالس والمؤتمرات الأسقفية لنُقول حاضنة بعد المجمع ولفترات طويلة، من اجل فهم الوظائف والادوار.لهذا كانت هناك العديد من الدراسات من قبل علماء ولاهوتين واساقفة الكنيسة، في مجمعين سينودسيين تمت معالجة المشكلة، حيث تم مداخلة الباباوات بشكل متكرر من اجل تحديد اكثر الى كل ماهو متجاوز في مدونة القانون الكنسي . على سبيل المثال :
¹ للقديس يوحنا بولس الثاني ʺal Motu Proprio Apostolos Suosʺ
النقطة الواضحة بلا منازع هي أن المؤتمرات الأسقفية هي هياكل رعوية، وليس مهمتها استبدال البابا، ولا حتى الأساقفة، لكنها هياكل في خدمة واقع الكنيسة. ويمكن التدخل من حين الى اخر في امور خارجة عن سلطة الاسقف ولكن باذن وتصريح من البابا، وفي هذه الحالة يمكنهم سن القوانين ولكن بعد تقديم المُداولات الى الكرسي الرسولي واعترافه بها، بحيث تكون من منطلق ان هذه التدخلات لاتعفي الأسقُف بل تساعده في الامور الحساسة والمعقدة بشكل خاص.
ٳن المجالس الأسقفية هي المؤسسة الكنسية الأقرب إلى المؤسسات السياسية التابعة لها. في رأيكم هل يعني هذا أيضًا إعادة النظر في وظيفة الفاتيكان على أساس تقليدي؟
أكتب في كتابي أنه بعد المجمع مسيرة الكنيسة تتكون من حقيقتين: الاولى سينودس الأساقفة، لدعم الخدمة البابوية، والثانية هي المؤتمرات الأسقفية ، لدعم خدمة الأسقف في أبرشيته.
بعبارة أخرى ، تم تحديد شكل من أشكال الشركة في الكنيسة، وهو ليس قانونيا، بل نظام مشاركة في حياة الكنيسة، أكتب أيضا أنه كما هو الحال في الكرة الأرضية، يرتبط القطب الشمالي والقطب الجنوبي بشبكة من خطوط الطول والمتوازيات، هكذا تشكل المجالس والمؤتمرات الأسقفية شبكة كثيفة تُعبر في القطبين عن الواقع الحي للكنيسة في كل مكان.لكي تشهد لرسالة الكنيسة التي هي إعلان الإنجيل لجميع الشعوب.
¹”motu proprio” Apostolos suos، الرسالة الرسولية تحكي حول الطبيعة الللاهوتية للمجالس الاسقفية صدرت بتاريخ 12 ايار 1998.
روبيرتو جيتيرا