البطريرك ساكو يشارك في منتدى السلام والامن في الشرق الاوسط بدهوك
اعلام البطريركية
اشترك غبطة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو صباح الثلاثاء 12 تشرين الثاني 2023 في اليوم الثاني للمنتدى الذي نظمته الجامعة الامريكية بدهوك تحت شعار السلام والأمن في الشرق الاوسط
Middle East Peace and Security
حضر الندوة دولة رئيس وزراء إقليم كوردستان السيد مسرور بارزاني، وعدد من وزراء الإقليم ومحافظين، وسفراء وخبراء عراقيين وأجانب وذلك في قاعة جامعة دهوك.
أدناه مداخلة غبطته في بدء المنتدى: عن التنوع القومي والديني والثقافي من أجل الحوار والتنمية وتحقيق السلام والامان.
أشكر رئيس وزراء الاقليم على استحداث وزارة تهتم بشؤون الأقليات والمحافظة على التنوع والتعددية الدينية والقومية والثقافية. هذا التنوع ثروة كبيرة يجب استثمارها لخير الجميع.
كنت قد اقترحت على الحكومة المركزية السابقة استحداث وزارة للتسامح عقب زيارة البابا فرنسيس سنة 2021، لاشاعة ثقافة الانفتاح والاخوّة والعيش المشترك بين المواطنين كما هي الحال في دولة الإمارات العربية، لكن من يسمع!!
اذكر على سبيل المثال ما قامت به الكنيسة الكاثوليكية قبل شهر بعقد السينودالية، أي السير معا في الاصغاء والحوار وتبادل الخبرات والمرافقة لتجديد الكنيسة ومعالجة التحديات وإيجاد أجوبة مقنِعة لاسئلة الناس. لان العالم تغير والعقلية تغيَّرت والثقافة تغيَّرت والمجتمع تغير فغير مقبول ان نظل على الموروث التقليدي من دون تجديد. اتمنى ان تقوم المرجعيات المسلمة بخطوات مماثلة.
يحتضن العراق جماعات متنوعة يشكّل فسيفساء ثقافات وحضارات وأديان وقوميات، متعددة الوجوه والالوان، لكن كلها تحمل تراثاً واحداً مشتركاً في عمق حياتها، هو العراق. وبإمكان هذا التنوع الراسخ على مدى التاريخ، أن يعكس اليوم نموذجاً جميلاً للوحدة والتعددية، وحافزاً للتنمية وقاعدة التسامح والتعايش المتناغم كما نلمسه في الإقليم.
للتعددية والتنوع صلة بحرية الإنسان، ونموّه السليم وتطوره الثقافي والوطني والديني والاجتماعي. من هنا أهميّة تفكيك خطاب الكراهية والانتقام وتجنّب الصراعات والمشاركة بمسؤولية في تحقيق عدالة أكبر، وتناغم أفضل في العلاقات بين المكونات والثقافات والديانات.
ينبغي اشاعة ثقافة حب الحياة والسلام وليس العنف والثأر والانتقام والحرب. يكفي حروباً، تكفي صراعات. الناس تعبت ويئست. انظروا ما يحصل في فلسطين وأوكرانيا. صدمت بعدد الأطفال القتلى في غزة! الحرب سِباق محموم، الكل فيها خاسر. نحتاج الى العقلانية والحكمة، فحياة الناس ليست العوبة بيد السياسيين.
لا يكتمل هذا التنوع وهذه التنمية إلا وسط بيئة من المفكرين الأحرار والمستقلين يمارسون دوراً بارزاً ومؤثراً على المستوى الوطني الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والتنموي لخدمة المجتمع، والخير العام واحترام حرية الفرد وقيمته.
هذا يحصل بقيام دولة ديمقراطية مدنية، اقول علمانية، تحتضن التنوع والحريات والثقافات والديانات على أساس المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات. ينبغي نبذ النظام الطائفي، وفصل الدين عن الدولة والسياسة، واحترام حقوق المواطنين وحريتهم وكرامتهم.
هذا المشروع يمكن تحقيقه بسهولة في اقليم كوردستان وقد اتخذوا خطوات عملية بهذا الاتجاه، ونأمل أن يكون نموذجاً يحتذى به.
هذا المشروع الحيوي حتى يتحقق يحتاج الى تدريب المسؤولين والمواطنين على فن الانسجام والترابط الاجتماعي من خلال الاستعداد النفسي والثقافي والأخلاقي بعيداً عن الاوهام المتبادلة والموروث التقليدي الخاطيء، والميل الى تأكيد الفروقات بدل المشتركات.
هذه بعض مقترحات عملية:
1 تعديل الدستور وإعطاء الحق للعقل وليس للعاطفة.
2 – التربية في الاسرة بشكل منفتح، باحترام التنوع والخصوصيات وتنشئتهم على الحوار والقبول المتبادل وتعزيز الاخوّة والمحبة عوض الكراهية والتفرقة.
3 – تغيير برامج التعليم خصوصاً الدينية منها والاجتماعية بعيداً عن المفردات الفئوية وعبارات التكفير والتخوين والإقصاء والتهميش. ينبغي احترام التنوع كونه من تصميم الباري الذي خلقنا مختلفين.
نحن المسيحيين ، ورغم الجراح نبقى متشبثين ببلدنا ونحب مواطنينا بصدق، ولا نقبل ان نُستهدف كذباً ونُهمَّش ظلماً من ايّ كان، كما حصل بسحب المرسوم الجمهوري مني وفي مذبحة قره قوش واستحواذ فصيل مسلح على مقدراتنا واملاكنا
نشكر كل الذين وقفوا الى جانبنا ودعمونا، وأظهروا أن العيش المشترك لا يزال يسري في عروق العراقيين. شكراً