وجهة نظر دستورية وقانونية للمحامي مجدي خضوري حول سحب المرسوم الجمهوري رقم 147 لسنة 2013
وجهة نظر دستورية وقانونية حول سحب المرسوم الجمهوري رقم 147 لسنة 2013 الخاص بتعيين البطريرك لويس ساكو بطريركاً على الكلدان في العراق والعالم
إبتداءاً:
تم إصدار المرسوم الجمهوري رقم 147 لسنة 2013 من قبل رئيس الجمهورية إستناداً الى أحكام البند(سابعاً) من المادة 73 من الدستور العراقي الدائم لعام 2005 بتعيين البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو بطريرك بابل على الكلدان في العراق والعالم ومتوليّاً على أوقافها.
حيث يعتبر هذا المرسوم قاعدة إلزامية وعرفاً متداولاً توالت على تنفيذه الحكومات المتعاقبة التي حكمت العراق منذ الخلافة العباسية والسلطة العثمانية ثم العهد الملكي فالجمهوري. وكما هو معلوم أن العرف يعتبر أحد مصادر القانون الرسمية واجبة التطبيق وفيه صفة الإلزام والرسمية واجبة الإتباع.
إستناداً لما سبق فإن إصدار المرسوم الجمهوري بتعيين نيافة البطريرك من قبل رئيس الجمهورية هو موافق للدستور العراقي.
أما فيما يخص المرسوم الجمهوري رقم 31 لسنة 2023 والمتضمن سحب المرسوم الجمهوري رقم 147 لسنة 2013 إستناداً الى أحكام البند(سابعاً) من المادة 73 من الدستور العراقي الدائم لسنة 2005 فإن رئيس الجمهورية كان غير موفقاً في سحب المرسوم للأسباب التالية:
أولا:نصّت المادة 73 من الدستور العراقي الدائم لعام 2005التي تخص صلاحيات الرئيس إنّ أحدى هذه الصلاحيات هي إصدار المراسيم الجمهورية(فقط) ولم يتطرق المشّرع العراقي الى إلغاء أو سحب المراسيم.
ثانياً: نصّت المادة (1) من الدستور العراقي مايلي:
* جمهورية العراق دولة إتحادية واحدة مستقلة وذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوري نيابي(برلماني) ديمقراطي، وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق.
ويتضح مما ورد في أعلاه أن أغلب صلاحيات رئيس الجمهورية كما وردت في المادة 73 تتخذ بتوصية من رئيس مجلس الوزراء أو بموافقة مجلس النواب وتعتبر هذه مسؤولية تضامنية لهذه السلطات.
* إذا كان نظام الحكم في العراق رئاسي كمافي النظام العراقي السابق وفي جمهورية مصر العربية وبقية الدول الأخرى فإنّه يجيز لرئيس الجمهورية وإن لم ينص دستورياً على ذلك بأن يسحب أو يلغي مرسوماً جمهورياً كونه منتخب من الشعب ويتولّى سلطات أحادية ليس كما في شكل نظام الحكم الحالي في العراق فإنّه نظام نيابي برلماني كما ذكرت سابقاً.
فكان من الأجدر على فخامة رئيس الجمهورية مفاتحة مجلس الوزراء أو مجلس النوّاب أو المحكمة الإتحادية لأخذ المشورة والتفسير الدستوري لإصدار مثل هكذا مرسوم حيث أن قراره المنفرد وعدم مفاتحته للجهات المذكورة أعلاه تعتبر مخالفة دستورية يحاسب عليها رئيس الجمهورية كما تعتبر إنتهاكاً واضحاً للدستور العراقي.
وحسب ماورد في نص المادة 61، الفقرة سادساً، ب، 2 :
إعفاء رئيس الجمهورية بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء مجلس النوّاب بعد إدانته من المحكمة الإتحادية العليا في إحدى الحالات التالية:
– الحنث في اليمين الدستورية
– إنتهاك الدستور
– الخيانة العظمى
* أما فيما يخص بيان رئاسة الجمهورية:
أكد البيان بأن سحب المرسوم الجمهوري ليس من شأنه المساس بالوضع الديني أو القانوني لسيادة البطريرك لويس ساكو كونه معيّناً من قبل الكرسي البابوي بطريركاً للكنيسة الكلدانية في العراق والعالم بل جاء لتصحيح وضع دستوري ،إذ صدر المرسوم رقم 147 لسنة 2013 دون سند دستوري أو قانوني . كما أشار في بيان منفصل آخر أن البطريرك يحظى بإحترام وتقدير رئاسة الجمهورية.
نوّد أن نوضح أن هذا البيان هو بيان مبطّن المراد منه هو توجيه عقوبة لسيادة البطريرك بدون وجه حق وغير مستند للأحكام الدستورية بل هو تصرف إنفرادي بحت من قبل رئيس الجمهورية لأسباب مبهمة.
*كما أوّد أن أوضح مانصت عليه المادة 43 من الدستور:
أولاً: أتباع كل دين أو مذهب أحراراً في :
أـ- ممارسة الشعائر الدينية بما فيها الشعائر الحسينية.
ب-إدارة الأوقاف وشؤونها ومؤسساتها الدينية وينضم ذلك بقانون.
ويتضح من هذه المادة بأن كل مذهب أو دين له مجلس أو هيئة تدار من قبل الرئيس الأعلى لهذا المذهب أو الدين ومتوليّاً على أوقافها وهذا ملزم شرعاً وقانوناً ودستوراً.
وعليه فإن نيافة البطريرك هو الرئيس الأعلى والمعيّن من قبل الفاتيكان بطريركاً على الكلدان في العراق ومتوليّاً على أوقافها ولاتتدخل الدولة في شؤون هذه الأوقاف من إدارة وغير ذلك فقط إبداء المساعدة إن لزم الأمر في إحتياجات هذه الطائفة وغيرها من الطوائف المسيحية وغير المسيحية كالأيزيديين والصابئة المندائيين وذلك من خلال تأسيس ديوان اوقاف المسيحيين والأيزيديين والصابئة المندائيين.
لقد كان الهدف من تأسيس دواوين الأوقاف( السنّي، الشيعي، ديوان أوقاف المسيحيين والأيزيديين والصابئة المندائيين) هو مساعدة هذه المذاهب والطوائف من خلال ماتواجهه من تحديات أو صعوبات في ترميم أبنية الأوقاف والحفاظ على أملاك الأوقاف وإبداء المشورة إن لزم الأمر لمتولي الأوقاف في بعض الأمور التي تخص عملها.
*كذلك نصّت المادة 46 من الدستور العراقي الدائم لعام 2005:
لايكون تقييد ممارسة أي حق من الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور أو تحديدها إلاً بقانون أو بناءاً عليه على أن لايمس ذلك التحديد والتقييد جوهر الحق أو الحرية وأن جوهر الحق في موضوعنا هذا هو حق نيافة البطريرك بإدارة شؤون أوقاف طائفته حيثما يراه مناسباً لخدمة طائفته والحيلولة من المضار بتلك الطائفة وليس كما يدعي المغرضين في توجيه إتهامات باطلة بحقه بالتلاعب بأملاك وأوقاف المسيحيين.
تقبلوا تحياتي
المحامي مجدي خضوري
اميركا/ واشنطن
7/17/2023