إرثنا الروحي والتصوفيّ المشرقيّ المتميّز
الكاردينال لويس روفائيل ساكو
أوَد أن اُقدم في هذا المقال رؤية بانورامية عن الروحانيّة المشرقيّة، كما تتضح من تعاليم الروحانيين المشرقيين وبخاصة الروحاني يوسف حزايا1 من القرن الثامن، والذي يُعَدّ مُنظِّر الخبرات الروحيّة والصوفيّة المشرقيّة من خلال تقديمه توليفة synthesis واضحة لهذا الإرث الثريّ المتميِّز. اُدرك أن هذه الروحية تبدو غريبة عن عالم اليوم الذي غالباً ما يرتبط بالليبراليّة الاجتماعيّة، والعلمَنة الاستهلاكيّة، والفردانيّة المتناميّة، وعدم المبالاة الدينية المُحبِطة2.
إنْ فَقدَ الإنسان أخلاقَه، فَقَدَ إنسانيّتَه لذا يتعيّن على الكنيسة مساعدة الناس على الخروج من هذه الثقافة المُنهِكة، وتوجيههم بقوة نحو صحوة إيمانيّة وروحيّة وأخلاقيّة، والمبادئ السامية للوجود، بلُغة مبتكرة وأسلوب جديد. لا يجب أن تخاف الكنيسة من الذهاب الى الأبعد |
تحوّلات مهمة في تاريخ كنيسة المشرق
يُعدّ القرن الخامس بالنسبة لكنيسة المشرق نقطة تحوّل للنهج الروحي واللاهوتي، غيّرت إلى حد ما توجهها. اعتمدَ الروحانيون المشرقيون في البداية على ترجمات كتابات الآباء اليونان إلى اللغة السريانية – الكلدانية. فتغلغلت بعض عناصر الروحانية اليونانية والقبطية تدريجياً الى البيئة الرهبانية المشرقية، تاركةً بصمتها عليها.
في النصف الأول من القرن السابع الميلادي نحو سنة 637 غزا المحاربون المسلمون بلاد فارس التي سقطت شيئاً فشيئاً في أيديهم، وغدَت جزءً من الإمبراطورية العربية المسلمة.
القرن السابع – التاسع بالرغم من الاضطهاد والمعاناة، تُعَد هذه الحقبة بحق عصر كنيسة المشرق الذهبي، إذ شهدت تطوراً كبيراً خلالها، من وجهات نظر مختلفة: انتشاراً جغرافيا الى الهند والصين وثقافياً من خلال مدارسها المتعددة ومراكزها الثقافية كبيت الحكمة الذي كان المسيحيون يديرونه وعدد الأديرة المنتشرة في كل مكان |
فيما يتعلق بالرهبنة المشرقية، بعد مخاض عسير رأت ولادة جديدة في النصف الثاني من القرن السادس بتأثير قيادي روحاني عظيم هو إبراهيم الكبير المعروف بالكشكري3، الذي يُعدّ مؤسس الرهبانية – الديرية الرئيسي في كنيسة المشرق.
أسَّس إبراهيم الدير الأم في جبل إيزلا، شمال شرق نصّيبين، والذي عُرف بالدير الكبير واُعتبر جبل آثوس4 للمشرقيين. انتشرت الحياة الرهبانية المتجددة بشكل كبير في بلاد ما بين النهرين. وغدَت أديرة إبراهيم مراكز للزُهد والتصوّف، والعمل والفكر والثقافة، مما خلق توازناً رائعاً بين الحياة الجماعية الديريّة والحياة الانفراديّة النُسكيّة.
في هذا الزمن ظهر كُتّاب بارزون أمثال سهدونا وشمعون ده طيبوثيه وداديشوع القطري واسحق النينوي ويوحنا الدلياثي ويوسف حزايا5.
عالج هؤلاء المؤلفون على اختلاف درجاتهم أهم نقاط الروحانية المشرقية، مثل: تنقية القلب، ومراحل معينة من الحياة الروحية، والصلاة، وحب الروحانية، والذكر الدائم لله.
يقول فيلوكسينوس المنبجي (+520) “ضروريّ أن يتعمق تلميذ الرب في ذكر اسم معلمه يسوع في نفسه، وان يتهجّى به ليل نهار“(طريق الكمال ص 6) |
الإرث الروحي والتصوّفي المشرقي الفريد
- الحبّ الالهي
سمة هذا التصوف هو الحب الإلهي الذي يرسم ملامح الروحانية المشرقية ويمنح المتصوف بهاء الخلود. الحب هو التصوف والتصوف هو الحب. ابتكر الروحانيون المشرقيون كلمات مضيئة ومسار ينبغي إتّباعه في المنهج التصوّفي. أساسه كما سنرى إيقاظ عين القلب لتنفتح بكل طاقاته فترى الله في كل شيء، وقبل كل شيء. حب لله الساكن في قلب الروحاني يَهديه في طريقه. هذا الحب يحرق كل ما ليس لله ليبقى الله كنزه الوحيد.
من بين هؤلاء المؤلفين البارزين يوسف حزايا (الرائي – the seer) الذي لُقِّب بـ “مُنَظِّر التصوف المشرقي“، نظراً لأهمية فكره وعمق نهجه. يشكّل تعليم يوسف حزايا أساس تقليد كنيسة المشرق الروحي والتصوفي المتأثر بروحانية أفغاريوس البنطي ومقاريوس الراهب المصري المنحول ويوحنا الأفامي. منهم اقتبس يوسف المفاهيم الأساسية لنهجه الروحي التصوفي6، وصاغها في ما يعرف بالمراحل الثلاث للحياة الروحية: الجسدية والنفسية والروحية. يعرض يوسف في كتاباته منهجاّ للمراحل المختلفة للحياة الروحية وفق تقليد كنيسته، مستفيداً من التقليد اليوناني الذي دخل الى المنطقة اعتباراً من القرن الخامس عِبر ترجمات مدرسة نصّيبين لكتابات اوريجانس وغريغوريوس النيصي والراهب المصري مقاريوس المنحول وديونوسيس الاريوفاغي وأفغاريوس البنطي. ولقد أثرى بها الروحانيّة المشرقيّة، لكن التعاليم الروحية للتقاليد المشرقية ظلت أساس العقيدة الروحية للمشرقيين، وبقي الروحانيون المشرقيون بشكل عام مخلصين لها. وفقاً لتعليم يوسف، الإنسان بشكل عام هو ثمرة عصره وبيئته التاريخية والثقافية التي هي نتيجة تشابك الأحداث الهامّة والأشخاص الذين يسميهم “آباؤنا” الذين وجَّهوا التاريخ بحياتهم وفكرهـم، أمثال: أفرام، وثيئودورس أسقف مصيصة الذي لقبته كنيسة المشرق بالمفسِّر، وباباي الكبير وإسحق النينوي.. الخ. |
- تصوف القلب/ النور
يستخدم يوسف حزايا بتأثير افغاريوس البنطي مصطلح “النور بلا شكل” في تفسير الرؤية اللامادية للثالوث الأقدس. ويقارنه مع الياقوت، الضوء الذي يُنير العقل وليس العقل نفسه كما يرى أفغاريوس.
وبما أن الله يظل سرّاً غير مُدرَك، وغير منظور للمخلوق، وطبيعته لا تخضع لحواسنا إلى الأبد، يدعو يوسف الإنسان (خصوصاً الراهب)، الى السعي للبلوغ إلى رؤية الله من خلال ممارسة أنواع مختلفة من التأمل. ويؤكد على الدور الحاسم لعمل الروح القدس، وضرورة التعاون بين النعمة الإلهية والجهد البشري. وهنا يشير بتأثير مقاريوس الى ما يسمى بـ “تصوّف القلب“ بالمعنى الكتابي، أي خبرة وجود الله في أعماق الإنسان (القلب) واستقباله أنوار الروح القدس (النور والمجد). هذه خبرة روحية صوفيّة تتجاوز حواس الجسد. أريد الاشارة هنا الى ان الغرب أكّد كثيراً على العقل مركز الافكار، بينما الشرق على القلب مركز العواطف.
يعتبر مقاريوس المنحول إن الضوء ليس إستعارة، ولا إنارة ذاتية محضة للعقل، بل هو “نور إلهيّ جوهريّ يَظهر في الروح، ويُضيء أكثر من نور الشمس“.
يتحدث يوسف عن النار المشتعلة “الدافع المحترق” وهو مصطلح آخر صوفي يشير الى الامتلاء من حب الله (لنتذكرالحبّ الالهي عند ابي المنصور الحلاج المتأثر بالمتصوفين المشرقيين”). انه استعادة الانسان حالته الاولى التي كان فيها آدم متلبساً بالنار- النور.
- الصلاة أساس الروحانية
ترتكز روحانية يوسف في الواقع على الصلاة التي هي أساس الحياة الروحية. ومن خلال الصلاة المستمرة يمكن للمرء أن يصل إلى الرؤية عِبرَ “العين المستنيرة“7 كما يسميها مار أفرام.
“ليس على الأرضِ ما هو أعزّ على الله من راهبٍ جاثٍ على الأرض يُصلي دائمًا، فالصلاةُ مرساةُ التوبة، حيثُ تَهدأ كلُ أنواعِ الأفكارِ مهما كانت كثيرة. الصلاةُ الدائمة تَجعلُ من العقلِ صورةَ الله، وتؤمِّنُ له موهبةَ إدراكِ الأمورِ الصغيرة. وبوقتٍ قصير تكّفِرُ عن ديون الإهمال الثقيلة. هذه الصلاة تحوي كلَّ أنواع الزُهْدِ وأنماطِهِ” (ابراهيم النثفري، القرن السادس، ساكو اباؤنا السريان ص 254. |
يؤكد يوسف والروحانيون المشرقيون الآخرون على وعي المسيحي بنشاط الروح القدس من خلال المراحل الثلاث للسيرة الكاملة: الجسدية والنفسية والروحية8.
يتكلم يوسف حزايا عن النقاء ܫܦܝܘܬܐ والكمال ܓܡܝܪܘܬܐ في طريق الارتقاء الروحي، أي الانتقال من الطريقة النمطية إلى المفهوم الموضوعي المتعلق بالرؤيا. وفقاً ليوسف يمتلك الصوفي في المرحلة الروحية رؤية العالَمين، أي الحاضر والمستقبل، بينما يرى المؤلف الروحاني الراهب يوحنا الافامي من القرن الخامس انه لا يمكن للإنسان أن يتمتع بخبرة سرّ العالم المستقبلي، بكونها محجوزة فقط للحياة بعد القيامة. ترتبط عقيدة الرؤية الإلهية بالنسبة ليوسف، ارتباطاً وثيقاً بتعاليمه حول المراحل الثلاث للحياة الروحية التي هي مسار للوصول إلى رؤية الثالوث الأقدس. إن أولئك الذين يمارسون الهدوء – السكينة ܫܠܝܐ يتمتعون برؤية الله الواحد -الثالوث كما كَتَب في الرسالة عن المراحل الثلاث.
- المراحل الثلاث
إن أحد المفاهيم المركزية للروحانية المشرقية هو الشفافية – ܫܦܝܘܬܐ التي لها معانٍ عميقة مثل “الوضوح، اللمعان، النقاء، الصفاء“، اما الكمال ܓܡܝܪܘܬܐ فهو أبعد من الوضوح.
هذا التمييز مهم للغاية، لأن التطهير هو بالضبط أساس الحياة الروحية. ويوضح يوسف على عكس أسلافه، خصوصيات هذا المفهوم في المراحل المختلفة. يسعى إلى الدقة التقنية على جميع المستويات ويعرض الحياة الروحية في إطار منظم جداً. إنه يواجه أبسط المشاعر التي تظهر على مستوى الجسد البشري. وما يسمح لمحاربة العواطف بالنجاح هو الإدراك بأنها ليست أكثر من انحراف عن الواقع الأصلي للإنسان وإمكانياته. لذلك فإن الطبيعي هو الخير الأصلي للمخلوق قبل سقوطه في الخطيئة، وليس للوسائل التقليدية في الزهد أي غرض سوى تحرير الجسد من خضوعه للأهواء وإعادته إلى الأصل. هذه المرحلة (التطهير)، يسميها يوسف بــ “الصحراء” أي بعد خروج اليهود من مصر. وعبور نهر الأردن يرمز الى الوصول إلى “أرض الميعاد الطهارة – النقاء” اي الوصول إلى حالته قبل الخطيئة. بعد أن وصل الانسان إلى نقاوته الطبيعية، يدخل على الفور المرحلة النفسية ܢܦܫܢܘܬܐ.
وبعد ان ينال البركات والصلاة من الآباء في المرحلة النفسية، يدخل الى المرحلة الروحية ܪܘܚܢܝܬܐ ويرثُ أرض الميعاد (أرض ميعاده هو المسيح)، أي إلى بهجة النشوة. ويتقوى نشاط الله باستمرار، ويتطلب من الإنسان مزيداً من الانقياد.
المرحلة الروحية، أو الكمال، ترمز إلى الصعود إلى جبل صهيون، صورة سكنى الله ورؤية الثالوث المقدس. هذه المرحلة تتميز بشكل أساسي بعمل الروح القدس، فتظهر الخليقة الجديدة، حيث تصل نعمة المعمودية إلى ذورتها – كمالها، أي بلوغ الطبيعة إلى ما وراء نفسها وجعلها تتحقق في الله.
- الصفاء شفيوثا
في كتابات يوسف لم يتم تحديد الفرق بين النقاء والوضوح بشكل مباشر، لكنه يفهم أن النقاء هو الاستقامة الطبيعية (العودة إلى نقاء الطبيعة الأصلي)، وصدق الإنسان الخارجي؛ في حين أن الوضوح يبدو أنه الكمال الكلي الكامن وراء الإنسان الداخلي. انه عودة كاملة إلى نقاوة طبيعة آدم قبل السقوط. وفي وقت آخر تظهر سلامة العقل مختلطة بالنور والنار. وهذه رؤية تحدث في مكان الصفاء، أي السماء، المكان الطبيعي لهذه الرؤية حيث تظهر سلامة العقل، في لحظة الصلاة، على غرار نور الشمس.
ترتبط تعاليم يوسف حول مراحل التطهير المختلفة ارتباطاً وثيقاً بمفهومه عن الرؤية الإلهية. يتم الوصول إلى رؤية الثالوث الأقدس بشكل تدريجي حسب خصوصية كل مرحلة: “الرؤية الأولى تتوافق مع” تأمل الحقائق الجسدية “المرتبطة بالتنقية. وبإتمام المرحلة الأولى، يدخل إلى المجال الصوفي، لأن الروح تبدأ في رؤية نفسها. ويرتفع الانسان من حالته الجسدية إلى مرتبة الروح الطبيعية؛ ومن الروح الطبيعية إلى وعي بالنعمة العجائبية. ثم يدخل دائرة الكمال، فيلمس الراهب المجد الذي ينتظره بعد القيامة وهو جوهر حالة الكمال أو رؤية النور عديم الشكل للثالوث والمسيح القائم من بين الأموات من خلال لحظة الاتحاد.
- صلاة القلب
يؤكد يوسف أن الوصول إلى خبرة الله يتم بلا شك عن طريق صلاة القلب: منذ البداية يجب أن يعتاد المرء على توجيه نظره نحو القلب حيث يسكن الله. إن الصلاة التي تُمارَس بهذه الطريقة ستقود الى “الكمال”، أي إلى فتح كل أبواب السماء ورؤية الرب في قلبه كما لو كان في مرآة، لذا يجب صقلها باستمرار. بطبيعة الحال، فإن تطهير القلب هو عملية تطهير تدريجية لمن يريد رؤية الله. إن بلوغ القلب النقي هو الهدف الوجودي الساعي للاتحاد بالله.
ومنذ أن تبدأ حياتك في الصومعة، إسعَ في تغيير العادات الطبيعية التي نشأت عليها بحياة جديدة، اي تبدل العمل بالعمل، والمعرفة بالمعرفة، والرجاء بالرجاء، ومحبة الدنيا بمحبة العالم الآتي، والفرح بالأشياء المنظورة بالفرح بالاشياء الروحية، والعزاء بالعزاء، والرحمة بالرحمة بحسب روح الوصايا الجديدة. إن السبيل هو أن نبحث عن شيء غير موجود في طبيعتنا، فقدناه بمخالفتنا الوصية مع أبينا آدم، وقد وجدناه في المسيح (شمعون ده طيبوثا، خطاب في الصومعة رقم 38). |
يقدم لنا يوسف في كتاباته مجموعة واسعة من التمارين التي تهدف إلى تنقية القلب، ومن الواضح أن كل مرحلة لها ممارساتها النموذجية: من تمارين وحركات بدنية للسيطرة على الذات وترويض الجسد وتحييده وتشفيفه كالصوم، التقشفات، سهرات الصلاة الليلية، قراءة الكتاب المقدس بسجود، والأعمال الخيرية، والتوبة بدموع الندم يمكنها أن تطفئ نار الأهواء.
“ان التوبةَ هي السفينة، والمخافةَ رُبَّانُها، والحبَّ هو الميناء الالهي. تُركبنا المخافةُ في سفينةِ التوبة وتعبر بنا البحر النتن لهذا العالم، وتوصلنا إلى الميناء الالهي الذي هو الحب؛ ومن هذا الميناء ننظرُ إلى جميعِ الاتعابِ الشاقَّة التي هي في التوبة، لأننا ما انْ نصلَ إلى الحبّ حتى نكون قد وصلنا إلى الله” (اسحق النينوي القرن السابع، ترجمة الاب البير ابونا اربيل 2016 ص 252).
” ان حصل انك سقطتَ لحظة ما، فلا تيأس، اذ ستجد العلاج في التوبة. ان النعمة تغطي كل فشل، شرط الا تستسلم للخصم. لا تترك مثالك حتى لو فرضت الطبيعة عليك قوانينها المحتمة، انها تضايقك لحين، ولكن لا تخذلك النعمة حين تحوطك الشدّة. إنسَ نفسك امام الله، ففيه تجد الراحة. صبّر نفسك في انتظار تحقيق الوعود ، فالرجاء يجعلك اقوى. (ابراهيم النثبري.(L’Orient Syrien p. 342 |
إن عمل النعمة هو بمثابة جمرة مشتعلة في قلب تدفئه وتغير الحياة كلها. هذا هو روح التبني الذي أخذناه في المعمودية كهدية للحياة الأبدية، والنار التي تولِد القديسين لنور الحياة الآتي، فيه يصلون إلى الكمال من خلال محبة ذاك الذي يَسَعُ كلّ شيء في كل شيء” (أفسس 1/ 23).
الخلاصة يشمل يوسف الرجل والمرأة بهذه البركة – النعمة بتنقية عيني قلبه للبلوغ الى الرؤية المجيدة. باختصار أن مسار الحياة الروحية هو الانغماس الأعمق في نور الحب الالهي: بدءاً من النور الذي يُضيء مختلف المخلوقات حتى اتحاد الروح بالنور الإلهي الذي هو “الضوء الخالي من الشكل”. |
_______________
1 ذكر لي رئيس اساقفة لندن الحالي الكاردينال نيكولس ان 37 % من البريطانيين يعلنون ان لا ديانة لهم!!
2 يوسف حزايا من القرن الثامن الميلادي. كان كاتباً غزيراً، أمضى حياته بين الخلوة والتزهد. وكان ناسكاً بكل ما للكلمة من معنى، ناسكاً في قلبه وفكره وفعله. كتب للرهبان الذين يبحثون عن الكمال الروحي، ويسعون للوصول اليه. كان رئيسَ ديرٍ ، عَدَّ نفسه أباً روحيّاً لرهبانه ومسؤولاً عن تنشئتهم في سبيل اختبار مجد رؤية الله في نور بلا هيئة، ساكو آباؤنا السريان، دار المشرق بيروت 2012 ص333-346،
3 ابراهيم الكشكري، يحتل المكانة الاولى في تاريخ الحياة الديرية (الرهبانيّة الجماعيّة)، وخلدّه التقليد المشرقي بمنحه لقب ربا، الكبير أو الأكبر، وبالمؤسس وبأبي الرهبان على غرار انطونيوس الكبير بالنسبة لمصر. ويعد ايضاً لاهوتيّاً، فالمؤسس عموماً لاهوتي وروحاني بامتياز وهنا سرّ نجاحه. توفي عام 588 ميلادية، طالع ساكو، آباؤنا السريان ص 267-277.
4 جبل آثوس المقدس لرهبان الكنيسة اليونانية الارثوذكسية الذي يقع في مقاطعة مقدونيا اليونانية المطلة على بحر ايجه. يسكنه الرهبان منذ عام 850 ميلادية. يعيش فيه اليوم قرابة الفي راهب ارثوذكسي ويعتبر جمهورية رهبانية.
5 طالع عنهم، ساكو آبونا السريان ص 279-346، و
Sebastian Brock: Isaac of Nineveh, Headings on Spiritual Knowledge, New York 2022.
6 لقد استفدت من دراسة المستشرقة الاوكرانية:
Ihnatia Havrylyk OSBM, STL, dottorante, docente di patrologia, presso il Dipartimento di Teologia dell’Università Cattolica Ucraina (Lviv), The Stages of_Spiritual Life oseph Hazzaya and the Greek Spiritual_Legacy, July 2019.
7 ساكو الروحانية المشرقية، بغداد 2020 ص 25-30
8 عن هذه المراحل طالع ساكو، الروحانية المشرقية ص 38-52