تعليم اللغة السريانية – الكلدانية
الكاردينال لويس روفائيل ساكو
طالب السيد Eddie Asmar وآخرون ان تُعلِّم الكنائس اللغة السريانية – الكلدانية وتُعمِّم التكلّم بها. هذه العملية صعبة جداً، سأبين ذلك.
اللغة ميزة البشر وأداة التفاهم والتواصل بين أفراد المجتمع في جميع ميادين الحياة.
إستخدم الإنسان اللغة للتعبير عن ذاته واكتساب المعرفة ونقل الثقافة. لكل لغة قواعدُها أي نحوَها وصَرفُها ومعاجِمُها. اللغة السريانية – الكلدانية تحتاج اليوم الى إغناء مفرداتِها ومصطلحاتِها لتواكب المستجدات في المجال العلمي والاقتصادي والاجتماعي، كما فعلت اللغات الحيّة.
اللغة السريانية الفصحى وهذا اسمها العلمي، هي إحدى اللغات السامية التي تعودُ جذورُها الى اللّغة الاراميّة. نشأت في الرّها وتطورت. وبظهور المسيحية في بلاد ما بين النهرين اُستخدمت للتعبير عن إيمانها، خصوصاً في الليتورجيا وكتابات الآباء. الكل كان يلفظها باللهجة الشرقية، لكنها تفرَّعت منذ القرن السابع الى لهجتين شرقية وغربية من حيث اللفظ والخط والحركات. الشرقية بقيت على الحركات السبع القديمة، والسريانية تبنَّت الحركات الخمس اليونانية. حافظ المشرقيون الكلدان والاشوريون على اللهجة الشرقية اما السريان الأرثوذكس والكاثوليك والموارنة تبنوا اللهجة الغربية سعرتو ܣܥܪܬܐ.
عمَدت أغلبية الكنائس ذات التقليد السرياني – الكلداني الى ترجمة ليتورجيَّتها الى اللغات المَحكية العربية واللغات الأجنبية في بلدان الشِتات، كما ترجمت الكنيسة الرومانية التي كانت لغتها اللاتينية، طقوسها الى اللغات المحلية، لأن من يتكلم اللاتينية اليوم، هم أشخاص متخصصون!
يستعمل العديد من سكان القرى الكلدانية والآشورية اللهجة المحلية المحكية “السورث” في التعامل اليومي. وتختلف بعض الشيء من بلدة الى أخرى بسبب تأثرها باللغة العربية أو الكردية. لربما سورث العراق هي اللهجة الكلدانية القديمة. أذكر على سبيل المثال بعض المفردات: الرِجلُ يسمونها أقلا وليس رغلا، والأنف پوقا وليس نخيرا، والباب بِلّا وليس تَرعا، والخروف پارا وليس برَخا ܒܲܪܚܐ، ديخ ايوت؟ رندا، وثمة مفردات أخرى. أما الآشوريون يتكلمون اللهجة الآشورية، والسريان الأرثوذكس يستخدمون لهجة طورايو.
صعوبة تعليم اللغة السريانية – الكلدانية
الكنيسة الكلدانية منتشرة اليوم في العالم، وليست في العراق وحده. ويختلف محيط القرى الكلدانية والسريانية في العراق عن محيط المدن كالموصل وبغداد وكركوك والبصرة وهكذا في سوريا ولبنان ومصر حيث اللغة العربية مهَيمنة. وفي بلدان الشِتات، المشكلة أكثر تعقيداً فالكلدان ملزمون بتعلم لغة البلد الذي يقطنونه: الانكليزية أو الفرنسية أو الألمانية ولغات أخرى.
الكل يعتمد على الكنيسة وينتقدها ويريدها تقوم مقامه في كل شيء من دون ان يحرك ساكناً أو يموّل مشروعاً ما! يريد كل شيء “عَلْ الحاضر”!
عملية تعليم اللغة جهد شخصي وجماعي يمكن إعتماده في العائلة أو البلدة الواحدة كألقوش أو مانكيش، أو الأبرشية الواحدة مثل عقرة والقوش ودهوك وزاخو وأربيل . ليس للكلدان اقليم خاص بهم ولا دولة، وقلَّما لهم إذاعات خاصة أو قنوات تلفزيونية تتبنى اللغة الفصحى أو السورث للتعليم رسمياً وفرضها على الناس.
الكنيسة، رسالتها الأولى هي التعليم المسيحي، أي مساعدة الناس أن يُصلّوا باللغة التي يعرفونها ويفهمونها لتؤثر فيهم وتغيّر سلوكهم. تعلّم اللغة من دون أن يتكلمها المرء أو يستخدمها في التعبير عن أفكاره لا تجدي نفعاً كبيراً…
صعوبات المدارس السريانية، هي كيف يقدر خريجوها أن يواصلوا دراساتهم الجامعية والأكاديمية من دون اللغة العربية في المركز والكردية في الإقليم واللغات الأجنبية في بلدان الاغتراب… يمكن تدريسها كلغة خاصة وليس في كل المواد..
أنتهز هذه الفرصة لأدعو الى تدريس تاريخ الكنيسة في هذه المدارس الخاصة والتوعية بالانتماء القومي، وليس فقط ضمن المعاهد الدينية. الناس لا يعلمون تاريخ كنيستهم ولاهوتها وطقوسها وقوانينها وكذلك انتمائهم القومي. إنه فقر ينبغي معالجته.
هذا التعليم يجب ان يتم بمنهجية علمية وانفتاح وليس بعنصرية وضيق أفق. نفتخر بكنيستنا وقوميَّتنا، لكن من دون تعصُّب، وعلينا ان ننفتح على الكنائس والقوميات الاُخرى ونتحالف معها ونتعاون في مجالات عديدة لخير الجميع.