رسالة القيامة 2023
“لا تكُنْ غَيرَ مُؤمِنٍ بل مُؤمِناً“
من أجل إيمان واعٍ وجادّ
البطريرك لويس روفائيل ساكو
أغتنم مناسبةَ حلول عيد القيامة المجيدة لكي أتقدم من المسيحيين العراقيين بشكلٍ خاصٍ، والمسيحيين في العالم بشكل عام، بأسمى التهاني والتبريكات، متمنياً لهم وللبشرية جمعاء، ظروفاً أكثرَ عدالةً وسلاماً واستقراراً وتضامناً وفرحاً.
القيامة أهم حدث في حياة المسيحيين. إنها عقيدة مطلقة، من دونها لا معنى لإيمانهم: “إِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَام.. فَبَاطِلٌ أَيْضاً إِيمَانُكُمْ.. أما الآنَ فَالْمَسِيحُ قَدْ قَامَ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ” (1قورنثية 15/ 14-19). لذلك يوجّه المسيح القائم من بين الأموات كلامَه الى توما، رسول كنيستنا، لدى ظهوره على شاطئ بحيرة طبرية، قائلاً: “لا تكُنْ غَيرَ مُؤمِنٍ بل مُؤمِناً. فاجابه توما: ربي والهي.. فردّ عليه المسيح: “طوبى للذين يؤمنون ولم يروا” (يوحنا 20/ 27-29). ما أجمل هذه العبارة وأعمقها. لنجعل من خبرة الرسول توما هذه في الإيمان والسجود والأمانة، مصدر الهام لنا.
من هذا المنطلق أدعو المسيحيين الى “جدّية الإيمان” بصفاء ووعيٍّ وواقعية، مثل إيمان توما وبقية الرسل، والمسيحيين الأوائل الذين ضحّوا بكل شيء، حتى بحياتهم، من أجل المسيح. ولكنيستنا المشرقيّة تراث حيّ من الشهداء علينا العودة اليهم باستمرار.
يساعدنا الإنجيل إن قرأناه بانتباه، على العبور من إيمان ناشئ بسيط، الى إيمان واعٍ وجادٍ وعميقٍ، نجسِّده في تفاصيل حياتنا اليومية. إيمان وحبّ وقوة، بحضور المسيح المنير فينا وبيننا وفي كنيستنا، لكي نحوّله الى لقاء وعيد واحتفال وشهادة مهما كانت المصائب.
يتعين على الكنيسة وكنيستنا الكلدانية بشكل خاص أن تتعلقَ بهذا الحضور بقوة، وان توضّحه جلياًً للمؤمنين، وتنشّطه بلغة مفهومة، وطرق جديدة، وليس بالنمط القديم، لكي تخلق عندهم مزيداً من الفهم والوعي فيسعوا ليعيشوه في أوضاع حياتهم بشكل ملحوظ. عليها أن تدركَ أن هذه هي رسالتها الأولى والأساسية. |
هذا الرجاء الراسخ المُعطى لنا في قيامة ربّنا يسوع المسيح، كما كان قد اُعطي للرسل، يُعزّينا وسط الأوقات الصعبة التي نعيشها نحن المسيحيين العراقيين والشرقيين باستمرار. ويمنحنا القدرة على الصمود ومواجهة المضايقات بصبر وثقة.
علينا أن ندرك نحن المسيحيين الممتَحَنين في هذا الشرق أن لنا دعوة ورسالة هنا، وبأن وجودنا ليس صدفةً، بل تصميم الهي. علينا أن نكتشف دعوتنا هذه بجلاء، ونتمسك بها بثقة وشجاعة وحماسة. لا نخاف مهما كان عددنا، عندما نكون “ملحَ” الأرض و”خميرة” في العجينة، و”نورا” في الظلمة، كما دعانا المسيح لنكون.
لنتضامن ونقف الى جانب بعضنا البعض وسط هذه الأزمات، ونخفف من وطأة الآم بعضنا البعض مثل سمعان القيرواني الذي ساعد يسوع على حمل الصليب، وفيرونيكا التي مسحت وجهه بمنديلها، فطبع صورته عليها، لكي يطبع صورته في قلوبنا.
يا رب ابقَ معنا فالزمن صعبٌ،
ودلنّا على طريق القيامة والحياة والتجدد