مقابلة مع الكاردينال فيلوني في الذكرى السنوية العشرين لبداية الغزو الأمريكي للعراق
صادفت يوم الاثنين 20 آذار مرور عشرين عامًا لبداية الغزو الأمريكي للعراق والذي أطاح بالرئيس صدام حسين. للمناسبة أجرى موقع فاتيكان نيوز مقابلة مع الكاردينال فرناندو فيلوني الذي كان سفيراً بابوياً في بغداد تحدث فيها عن الأجواء التي كانت سائدة آنذاك.
عن فاتيكان نيوز
في 13 كانون الثاني 2003، وقبل شهرين تقريبًا على بداية غزو العراق، خاطب البابا يوحنا بولس الثاني أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد لدى الكرسي الرسولي مؤكداً أن الحرب لا يمكن أن تُعتبر إطلاقاً وسيلة كباقي الوسائل التي تُستخدم لحل الخلافات بين الأمم. هذا النداء جدده البابا فويتيوا بعد تلاوته صلاة التبشير الملائكي في 16 آذار 2003 محذراً من العملية العسكرية ومن النتائج التي ستترتب على الشعب العراقي وعلى التوازنات في الشرق الأوسط. وأكد –قبل أربعة أيام على بداية الأحداث – أن الوقت ما يزال متاحاً للتفاوض، وأنه ما تزال توجد فرصة للسلام.
يستذكر الكاردينال فيلوني تلك الأيام التي عاشها كسفير بابوي في بغداد، وقال: إنّ السكان كانوا يترقبون بداية الحرب، وقاموا بجمع المواد الغذائية، ولم يكن أحد يدرك إلى ماذا ستقود الحرب، وإذا ما كان العراقيون قادرين على تحمل القصف. ولفت إلى أن البابا يوحنا بولس الثاني دعا في أكثر من مناسبة إلى تفادي الحرب بيد أن كلماته لم تلق آذانًا صاغية، وقد اختارت الأمم المتحدة الحرب، وفي أوروبا كانت الآراء متفاوتة. أما من الجانب العراقي فكان هناك استعداد للحوار، وهذا ما أكده القادة العراقيون للسفير البابوي، شرط ألا يُذلوا. وأضاف أن القصف بدأ فجر العشرين من آذار، واستهدف مئات المباني الحكومية ومراكز الاتصالات، فانقطعت فوراً الخطوط الهاتفية، ولم يعد التواصل ممكناً.
ورداً على سؤال حول الأسباب التي دفعته إلى البقاء في العراق على الرغم من كل ما جرى، قال الكاردينال فيلوني: إنّ الأشخاص الذين وضعوا أنفسهم في خدمة الدبلوماسية الفاتيكانية يتواجدون في مختلف المناطق ويعملون من أجل السلام، وبغية ضمان حرية الكنيسة والمكوث إلى جانب المسيحيين والتعبير عن تضامن البابا مع جميع الكنائس، أقلية كانت أم أكثرية. وذكّر في هذا السياق بأن البابا يوحنا بولس الثاني عبر أكثر من مرة عن قربه من الشعب العراقي، وليس صحيحاً أن العالم كله كان آنذاك ضد العراق، إذ إن الكنيسة كانت ضد الحرب وكانت مع الشعب العراقي، أما القضايا الأخرى فهي قابلة للنقاش.
وأكد أنّ هذا التضامن لم يقتصر على السفير البابوي وحسب، لأن جميع الكهنة والأساقفة والرهبان والراهبات ظلوا في البلاد، ومعظم العائلات بقيت في بغداد، مع أن بعضها ترك العاصمة لأسباب يمكن تفهمها. وذكّر بأنّ هجرة المسيحيين بدأت في فترة لاحقة، وكان من واجب السفير البابوي، الذي يمثل البابا، أن يمكث إلى جانب المسيحيين والأساقفة والكهنة، وهذا الأمر حظي بتقدير الشعب العراقي والسلطات أيضًا. في الختام لفت نيافته إلى أن الزيارة التي قام بها البابا فرنسيس إلى العراق منذ سنتين جاءت تلبية لرغبة يوحنا بولس الثاني التي لم تتحقق، وقد أظهرت إمكانية عقد حوار وشكلت بداية لمسيرة طويلة.