في الثاني من شباط الحالي، وخلال الزيارة الرسولية التي قام بها البابا فرنسيس إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية وجنوب السودان، كان للحبر الأعظم لقاء في مقر السفارة البابوية في كينشاسا مع 82 كاهنًا من اليسوعيين الناشطين في البلاد، من بينهم أسقف إينونغو المطران دونات بافوينديسوني، وتخلله حوار مفتوح وصريح بين البابا وأخوته اليسوعيين تناول عددا من المسائل.
استهل البابا فرنسيس حديثه لافتًا إلى أن العالم كله يعيش حالة حرب اليوم، لاسيما في أوكرانيا وسورية واليمن وميانمار، هذا فضلا عن التوترات والصراعات الراهنة في أمريكا اللاتينية، وتساءل ما إذا كانت البشرية تتمتع بالشجاعة اللازمة كي تخطو خطوة إلى الوراء، لأن العالم يسير نحو الهاوية. ولفت إلى أن المشكلة الأساسية تكمن في إنتاج الأسلحة، وقال إن العالم يعاني من الجوع وما تزال الأسلحة تُصنع، هذا إن لم نتحدث عن الأسلحة الذرية مؤكدًا أن المسيحيين مدعوون للصلاة إلى الرب طالبين منه أن يرأف بهم إزاء الكم الهائل من العنف الذي يشهده العالم اليوم.
ردًا على سؤال بشأن التحضيرات الجارية للاحتفال بالذكرى المئوية السابعة عشرة لمجمع نيقيا الأول، والتي ستصادف عام 2025، تحدث البابا عن مساعٍ للتوصل إلى اتفاق مع البطريرك برثلماوس الأوّل بشأن توحيد الاحتفال بعيد الفصح، لافتًا إلى أن الطرفين يريدان الاحتفال بهذه المناسبة كأخوة، وذكّر بأن برثلماوس كان أول بطريرك على القسطنطينية يشارك في احتفال بداية حبريته.
بعدها انتقل البابا إلى الحديث عن سينودس الأساقفة لمنطقة الأمازون الذي تم التطرق خلاله إلى أحلام أربعة: اجتماعيًا، ثقافيًا، إيكولوجيًا وكنسيًا. وهذا الأمر ينطبق أيضا على حوض نهر الكونغو، الذي يُعتبر ثاني رئة خضراء لكوكب الأرض. وشدد في هذا السياق على ضرورة أن يلتزم مجلس الأساقفة المحلي في هذا المجال، متّبعاً المعايير نفسها التي اعتُمدت خلال سينودس الأمازون، وبشكل يتلاءم مع واقع البلاد.
في معرض إجابته على سؤال بشأن استقالة البابا قال فرنسيس إن بندكتس كانت لديه شجاعة الاستقالة نظرًا لوضعه الصحي، مع أن البابا يبقى كذلك مدى الحياة. بعدها سُئل البابا عن الطقس الكونغولي للقداس وقال إن هذا الطقس هو تحفة فنية من الناحية الليتورجية والشعرية، وشدد على ضرورة أن تبقى الكنيسة بمثابة مستشفى ميداني، واضعة نفسها في خدمة الشفاء والحياة. وحذّر من مغبة التسلط داخل الكنيسة، الذي يشكل صورة عن المجتمع الجريح والفاسد. وهذا الدور يكتسب أهمية أكبر اليوم نظراً للصراعات المسلحة الدائرة حول العالم. وطلب البابا من الكهنة الحاضرين أن ينظروا دوما إلى القديسين ويضمدوا جراح العالم، ويخدموا الناس تماشياً مع روح القديس أغناطيوس.
في ختام حواره مع الكهنة اليسوعيين في جمهورية الكونغو الديمقراطية تطرق البابا إلى مسألة العلاقة بين الدولة والكنيسة وقال إن الهدف من أي علاقة يقيمها الفاتيكان مع مختلف الدول هو مساعدة الكنيسة على القيام بخدمتها، لأن رسالة التعليم والكرازة بالإنجيل والخدمة تحتاج إلى الأمن، وكل اتفاق بين الطرفين ينبغي أن يصب في صالح الخدمة وحسب.